وصايا لبعض أصحابه


وصيّته لحمران بن أعين
قال عليه السلام: يا حمران انظر الى من هو دونك، ولا تنظر إِلى من هو فوقك في المقدرة فإن ذلك أقنع لك بما قُسم لك، وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربّك، واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين، واعلم أنه لا ورع أنفع من تجنّب محارم اللّه والكفّ عن أذى المؤمنين واغتيابهم، ولا عيش أهنأ من حسن الخُلق، ولا مال أنفع من القنوع باليسير المجزي، ولا جهل أضرّ من العجب.

وصيّته لجميل بن درّاج
قال عليه السلام لجميل بن درّاج: خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن صالح الأعمال البرّ بالاخوان والسعي في حوائجهم، وذلك مرغمة للشيطان وتزحزح عن النيران، ودخول في الجنان، يا جميل اخبر بهذا الحديث غُرر أصحابك قال: فقلت له: جعلت فداك ومَن غُرر أصحابي؟ قال عليه السلام: هُم البارُّون بالاخوان في العُسر واليُسر.

قال: يا جميل أما أن صاحب الجميل يهون عليه ذلك، وقد مدح اللّه عزّ وجلّ صاحب القليل فقال: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾.

وصيّته عليه السلام لسفيان الثوري
قال سفيان: لقيت الصادق ابن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، فقلت: يا ابن رسول اللّه أوصني، فقال لي: يا سفيان لا مروَّة لكذوب، ولا أخٌ لملول، ولا راحة لحسود، ولا سؤدد لسيّئ الخُلق.
فقلت: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله زدني، فقال لي: يا سفيان ثق باللّه تكن مؤمناً، وارض بما قسم اللّه لك تكن غنيّاً، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، ولا تصحب الفاجر يُعلّمك من فُجوره، وشاور في أمرك الذين يخشون اللّه عزّ وجل.

فقلت: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: زدني، فقال لي: يا سفيان من أراد عِزَّاً بلا عشيرة، وغِنىً بلا مال، وهيبةً بلا سلطان فلينتقل من ذُلّ معصية اللّه إِلى عِزّ طاعته.

وقال للصادق مرّة: لا أقوم حتّى تحدّثني، قال له: أنا اُحدّثك وما كثرة الحديث لك بخير، يا سفيان اذا أنعم اللّه عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فاكثر من الحمد والشكر عليها، فإن اللّه عزّ وجلَّ قال في كتابه: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ واذا استبطأت الرزق فاكثر من الاستغفار فإن اللّه تعالى قال في كتابه: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا *ً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا *وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾.

يا سفيان إذا أحزنك أمرٌ من سلطان أو غيره فاكثر من: لا حول ولا قوّة إِلا باللّه، فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنّة، فعقد سفيان بيده وقال: ثلاث وأيّ ثلاث.

* كتاب الامام الصادق / الشيخ محمد رضا المظفر.