قصيدة "لم انسه اذ قام فيهم خاطبــاً " للشاعر: رضا الهندي

أَو َبعدما ابيضَّ القذال وشابا **** أصبو لوصل الغيد أو أتصابى

هبني صبوت، فمن يعيد غوانيا **** يحسبن بازيَّ المشيب غرابا

قد كان يهديهنّ ليل شبيبتي **** فضللن حين رأين فيه شهابا

والغيد مثل النجم يطلع في الدجى **** فإذا تبلَّج ضوء صبح غابا

لا يبعدنَّ وإن تغيَّر مألف **** بالجمع كان يؤلف الاحبابا

ولقد وقفت فما وقفن مدامعي **** في دار زينب بل وقفن ربابا

فسجمت فيها من دموعي ديمة **** وسجرت من حرّ الزفير شهابا

واحمرَّ فيها الدمع حتى أوشكت **** تلك المعاهـد تنبت العنابا

وذكرت حين رأيتها مهجورة **** فيها الغراب يـردد التنعابا

أبيات آل محمد لما سرى **** عنها ابن فاطمة فعدن يبابا

ونحا العراق بفتية من غالب **** كل تراه الـمدرك الغلابا

صِيدٌ إذا شبَّ الهياج وشابت الـ **** أرض الدما والطفل رعبا شابا

ركزوا قناهم في صدور عداتهم **** ولبيضهم جعلوا الرقاب قرابا

تجلو وجوههم دجى النقع الذي **** يكسو بظلمتـه ذكاء نقابا

وتنادبت للذبِّ عنه عصبة **** ورثوا المعالي أشيبا وشبابا

من ينتدبهم للكريهة ينتدب **** منهم ضراغمة الاسود غضابا

خفوا لداعي الحرب حين دعاهم **** ورسوا بعرصة كربلاء هضابا

أُسْدٌ قد اتخذوا الصوارم حلية **** وتسربلوا حلق الدروع ثيابا

تخذت عيونهمُ القساطل كحلها **** وأكفهم فيضَ النحور خضابا

يتمايلون كأنّما غنّى لهـم **** وقع الظُبى وسقاهـم أكوابا

برقت سيوفهم فأمطرت الطُلى **** بدمائهـا والنقع ثار سحابا

وكأنّهـم مستقبلـون كواعبا **** مستقبليـن أسنَّة وكعـابا

وجدوا الردى من دون آل محمد **** عذبا وبعدهـم الحياة عذابا

ودعاهم داعي القضاء وكلهم **** ندب إذا الداعي دعاه أجابا

فهووا على عفر التراب وإنّما **** ضموا هناك الخُرَّدَ الاترابا

ونأوا عن الاعداء وارتحلوا إلى **** دار النعيم وجاوروا الاحبابا

وتحزَّبت فرق الضلال على ابن **** من في يوم بدرٍ فرّق الاحزابا

فأقام عين المجد فيهم مفردا **** عقدت عليه سهامهـم أهدابا

أحصاهم عددا وهم عدد الحصى **** وأبادهم وهـم الرمال حسابا

يومي إليهم سيفـه بذبابـه **** فتراهـم يتطايـرون ذبابـا

لم أنسه إذ قام فيهم خاطبا **** فإذا همُ لا يملكون خطابا

يدعو ألستُ أنا ابن بنت نبيّكم **** وملاذكم إن صرف دهر نابا

هل جئت في دين النبيّ ببدعة **** أم كنت في أحكامه مرتابا

أم لم يوصِّ بنا النبيُّ وأودع الـ **** ـثقلين فيكم عترة وكتابا

إن لم تدينوا بالمعاد فراجعوا **** أحسابكـم إن كنتم أعرابا

فغدوا حيارى لا يرون لو عظه **** إلاّ الاسنَّـة والسهام جوابا

حتى إذا أسفت علوج أمية **** أن لا ترى قلب النبيّ مصابا

صلَّت على جسم الحسين سيوفهم **** فغدا لساجدة الظبى محرابا

ومضى لهيفا لم يجد غير القنا **** ظلا ولا غير النجيع شرابا

ظمآن ذاب فؤاده من غلة **** لو مسَّت الصخر الاصمّ لذابا

لهفي لجسمك في الصعيد مجردا **** عريان تكسـوه الدماء ثيابا

تَرِبَ الجبين وعين كل موحد **** ودَّتْ لجسمك لو تكون ترابا

لهفي لرأس فوق مسلوب القنا **** يكسوه من أنـواره جلبابا

يتلو الكتاب على السنان وإنما **** رفعوا به فوق السنان كتابا

ليَنُحْ كتابُ اللّـه مما نابَهُ **** ولينثن الاسـلام يقرع نابا

وليبك دين محمد من أمَّة **** عزلوا الرؤوس وأَمَّروا الاذنابا

هذا ابن هند وهو شرُّ أميةٍ **** من آل أحمد يستذلّ رقابا

ويصون نسوته ويبدي زينبا **** من خدرها وسكينة وربابا

لهفي عليها حين تأسرها العدى **** ذلاًّ وتُركبها النياق صعابا

وتبيح نهب رحالها وتنيبها **** عنها رحال النيب والاقتابا

سلبت مقانعها وما أبقت لها، **** حاشى المهابة والجلال، حجابا



منتديات @المخرج علي العذاري

@سارة الموسوي




المخرج علي العذاري