كلمات المحققين في شأنها سلام الله عليها
((حياة السيدة الزهراء(ع)))
1ـ قال ابن صباغ المالكي: ولنذكر طرفاً من مناقبها التي تشرف هذا النسب من نسبها، واكتسى فخراً ظاهراً من حسبها، وهي فاطمة الزهراء بنت من أنزل عليه: سبحان الذي أسرى، ثالثة الشمس والقمر، بنت خير البشر، الطاهرة الميلاد، السيدة بإجماع أهل السداد 1.
2ـ قال الأستاذ عبد الزهراء: ونحن حين نتناول الحديث عن الزهراء عليها السلام بصفتها غرس النبوة، وشجرة الإمامة، فإنما تنكشف لنا أبعاد الرسالة الإسلامية بطابع تجسيدي نلمسه في كل جانب من جوانب شخصيتها عليها السلام ونحن نتابعها، ففي قرانها بعلي بن أبي طالب عليه السلام تنجلي لنا الصورة الحية التي رسمها الإسلام للقرآن الذي ارتضاه خالق هذا الوجود، وفي مواقفها البطولية بعد وفاة أبيها يتكشف لنا المدى البعيد الذي رسمه الإسلام للمرأة من حقوق وواجبات، ومدى فاعليتها في بناء المجتمع الإسلامي. وعلى هذا الأساس تقاس سائر جوانب شخصية الزهراء عليها السلام2.
3ـ قال العلامة محمد بن طلحة الشافعي: اعلم ـ أيدك الله بروح منه ـ أن الأئمة الأطهار المعدودة مزاياهم في هذا المؤلف، والهداة الأبرار المقصودة سجاياهم بهذا المصنف لهم برسول الله زيادة على اتصالهم به بالنسب الشريف اتصالهم به بواسطة فاطمة عليها السلام. فبواسطتها زادهم الله تعالى فضل شرف وشرف فضل، ونيل قدر وقدر نيل، ومحل علو وعلو محل، وأصل تطهير وتطهير أصل... فانظر بنور بصيرتك ـ أمدك الله بهدايتها ـ إلى مدلول هذه الآية3 وترتيب مراتب عباراتها وكيفية إشاراتها إلى علو مقام فاطمة عليها السلام في منازل الشرف وسمو درجتها، وقد بين ذلك وجعلها بينه وبين علي تنبيهاً على سر الآية وحكمتها، فإن الله عز وجل جعلها مكتنفة من بين يديها ومن خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها. وحيث كان المراد من قوله (وأنفسنا) نفس علي مع النبي صلى الله عليه وآله، جعلها بينهما إذ الحراسة بالإحاطة بالأنفس أبلغ منها بالأبناء في دلالتها4.
4ـ قال الحافظ أبو نعيم الأصفهاني: ومن ناسكات الأصفياء وصفيات الأتقياء فاطمة ـرضي الله تعالى عنهاـ السيدة البتول، البضعة الشبيهة بالرسول، ألوط أولاده بقلبه لصوقاً، وأولهم بعد وفاته به لحوقاً، كانت عن الدنيا ومتعتها عازفة، وبغوامض عيوب الدنيا وآفاتها عارفة 5.
5 ـ قال عبد الحميد ابن أبي الحديد: وأكرم رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة إكراماً عظيماً أكثر مما كان الناس يظنونه وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم، حتى خرج بها عن حد حب الآباء للأولاد، فقال لمحضر الخاص والعام مراراً لا مرة واحدة، وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد: (إنها سيدة نساء العالمين، وإنها عديلة مريم بنت عمران، وإنها إذا مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد). وهذا من الأحاديث الصحيحة، وليس من الأخبار المستضعفة. وإن إنكاحه علياً إياها ما كان إلا بعد أن أنكحه الله تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة، وكم قال لا مرة: (يؤذيني ما يؤذيها، ويغضبني ما يغضبها، وإنها بضعة مني، يريبني ما رابها)6.
6 ـ قال الأستاذ توفيق أبو علم: كانت ـ رضي الله عنها ـ كريمة الخليفة، شريفة الملكة، نبيلة النفس، جليلة الحس، سريعة الفهم، مرهفة الذهن، جزلة المروءة، غراء المكارم، فياحة نفاحة، جرئية الصدر، رابطة الجأش، حمية الأنف، نائية عن مذاهب العجب... وكانت في الذروة العالية من العفاف والتصادق، طاهرة الذيل، عفيفة المئزر، عفيفة الطرف... إنها سليلة شرف لا منازع لها فيه من واحدة من بنات حواء فمن تراه... واكتفائها بشرفها كأنها في عزلة بين أبناء آدم وحواء7.
7 ـ قال الأستاذ عباس محمود العقاد المصري: في كل دين صورة الأنوثية الكاملة المقدسة يتخشع بتقديسها المؤمنون، كأنما هي آية الله فيما خلق من ذكر وأنثى، فإذا تقدست في المسيحية صورة مريم العذراء، ففي الإسلام لا جرم تتقدس صورة فاطمة البتول 8.
8 ـ قال الدكتور علي إبراهيم حسن: وحياة فاطمة هي صفحة فذة من صفحات التاريخ، نلمس فيها ألوان العظمة، فهي ليست كبلقيس أو كليو بطرة، استمدت كل منهما عظمتها من عرش كبير وثروة طائلة وجمال نادر. وهي ليست كعائشة نالت شهرتها لما اتصفت به من جرأة جعلتها تقود الجيوش، وتتحدى الرجال، ولكنا أمام شخصية استطاعت أن تخرج إلى العالم وحولها هالة من الحكمة والجلال، حكمة ليس مرجعها الكتب والفلاسفة والعلماء، وإنما تجارب الدهر المليء بالتقلبات والمفاجآت، وجلال ليس مستمداً من ملك أو ثراء، وإنما من صميم النفس9...
9 ـ قال العلامة الإربلي: فلنبدأ الآن بذكر فاطمة عليها السلام التي زاد إشراق هذا النسب بإشراق أنوارها، واكتسب فخراً ظاهراً من فخارها، واعتلى على الأنساب بعلو منارها، وشرف قدره بشرف محلها ومقدارها، فهي مشكاة النبوة التي أضاء لألاؤها، وتشعشع ضياؤها، وسحت بسحب الغر أنواؤها، وعقيلة الرسالة التي علت السبع الشداد مراتب علا وعلاء، ومناصب آل وآلاء، ومناسب سناً وسناء، الكريمة الكريمة الأنساب، الشريفة الشريفة الأحساب، الطاهرة الطاهرة الميلاد، الزهراء الزهراة الأولاد، السيدة بإجماع أهل السداد، الخيرة من الخير، ثالثة الشمس والقمر، بنت خير البشر، أم الأئمة الغرر، الصافية من الشوب والكدر، الصفوة على رغم من جحد أو كفر، الحالية بجواهر الجلال، الحالة في أعلى رتب الكمال، المختارة على النساء والرجال، صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها السادة الأنجاب، وارثي النبوة والكتاب، وسلم وشرف وكرم وعظم 10.
10 ـ وقال أيضاً: إن فاطمة عليها السلام هي سليلة النبوة ورضيعة در الكرم والأبوة، ودرة صدف الفخار، وغرة شمس النهار، وذبالة11 مشكاة الأنوار، وصفوة الشرف والجود، وواسطة قلادة الوجود، نقطة دائرة المفاخر، قمر هالة المآثر، الزهرة الزهراء، والغرة الغراء، العالية المحل، الحالة في رتبة العلاء السامية، المكانة المكينة في عالم السماء، المضيئة النور، المنيرة الضياء، المستغنية باسمها عن حدها ووسمها، قرة عين أبيها، وقرار قلب أمها، الحالية بجواهر علاها، العاطلة من زخرف دنياها، أمة الله وسيدة النساء، جمال الآباء وشرف الأبناء، يفخر آدم بمكانها، ويبوح نوح بشدة شأنها، ويسمو إبراهيم بكونها من نسله، وينجح إسماعيل على أخوته إذ هي فرع أصله، وكانت ريحانة محمد صلى الله عليه وآله من بين أهله، فما يجاريها في مفخر إلا مغلب12، ولا يباريها في مجد إلا مؤنب13، ولايجحد حقها إلا مأفون 14، ولا يصرف عنها وجه إخلاصه إلا مغبون15.
11 ـ قال العلامة الخبير ابن شهر آشوب: وقلنا الصديقة بالأقوال، والمباركة بالأحوال، والطاهرة بالأفعال، الزكية بالعدالة، والرضية بالمقالة، والمرضية بالدلالة، المحدثة بالشفقة، والحرة بالنفقة، والسيدة بالصدقة، الحصان بالمكان، والبتول في الزمان، والزهراء بالإحسان، مريم الكبرى في الستر، وفاطم بالسر، وفاطمة بالبر، النورية بالشهادة، والسماوية بالعبادة، والحانية بالزهادة، والعذراء بالولادة، الزاهدة الصفية، العابدة الرضية، الراضية المرضية، المتهجدة الشريفة، القانتة العفيفة، سيدة النسوان، وحبيبة حبيب الرحمن، المحتجبة عن خزان الجنان، وصفية الرحمن، ابنة خير المرسلين، وقرة عين سيد الخلائق أجمعين، وواسطة العقد بين سيدات نساء العالمين، والمتظلمة بين يدي العرش يوم الدين، ثمرة النبوة، وأم الأئمة وزهرة فؤاد شفيع الأمة، الزهراء المحترمة، والغراء المحتشمة، المكرمة تحت القبة الخضراء، والإنسية الحوراء، والبتول العذراء، ست النساء 16، وارثة سيد الأنبياء، وقرينة سيد الأوصياء، فاطمة الزهراء، الصديقة الكبرى، راحة روح المصطفى، حاملة البلوى من غير فزع ولا شكوى، وصاحبة شجرة طوبى، ومن أنزل في شأنها وشأن زوجها وأولادها سورة هل أتى، ابنة النبي، وصاحبة الوصي، وأم السبطين، وجدة الأئمة، وسيدة نساء الدنيا، والآخرة، زوجة المرتضى، ووالدة المجتبى، وابنة المصطفى، السيدة المفقودة، الكريمة المظلومة الشهيدة، السيدة الرشيدة، شقيقة مريم، وابنة محمد الأكرم، المفطومة من كل شر، المعلومة بكل خير، المنعوتة في الإنجيل، الموصوفة بالبر والتبجيل، درة صاحب الوحي والتنزيل، جدها الخليل، ومادحها الجليل، وخاطبها المرتضى بأمر المولى جبرائيل 17.
12 ـ قال المحقق الشهير الحاج ملا محمد باقر صاحب الخصائص الفاطمية: سبحانك اللهم يا فاطر السماوات العلا، وفالق الحب والنوى، أنت الذي فطرت اسماً من اسمك، واشتققته من نورك، فوهبت اسمك بنورك حتى يكون هو المظهر لظهورك، فجعلت ذلك الاسم جرثومة لجملة أسمائك، وذلك النور أرومة 18 لسيدة إمائك، وناديت في الملأ الأعلى: أنا الفاطر وهي فاطمة، وبنورها ظهرت الأشياء من الفاتحة إلى الخاتمة. فاسمها اسمك، ونورها نورك، وظهورها ظهورك، ولا إلى غيرك، وكل كمال ظلك، وكل وجود ظل وجودك، فلما فطرتها فطمتها عن الكدورات البشرية، واختصصتها بالخصائص الفاطمية، مفطومة عن الرعونات 19 العنصرية، ونزهتها عن جميع النقائص، مجموعة من الخصائل المرضية بحيث عجزت العقول عن إدراكها، والناس فطموا عن كنه معرفتها، فدعا الأملاك في الأفلاك بالنورية السماوية، وبفاطمة المنصورة... أم السبطين، وأكبر حجج الله على الخافقين، ريحانة سدرة المنتهى، وكلمة التقوى، والعروة الوثقى، وستر الله المرخى، والسعيدة العظمى، والمريم الكبرى، والصلاة الوسطى، والإنسية الحوراء التي بمعرفتها دارت القرون الأولى. وكيف أحصي ثناها وإن فضائلها لا تحصى، وفواضلها لا تقضى؟! البتول العذراء، والحرة البيضاء، أم أبيها، وسيدة شيعتها وبنيها، ملكة الأنبياء، الصديقة فاطمة الزهراء، نعم ما قال:
خجلاً من نور بهجتها تتوارى الشمس في الأفق وحياء من شمائلها يغطى الغصن في الورق 20
13 ـ قال المحقق البارع السيد كاظم القزويني: فاطمة، وما أدراك من فاطمة! شخصية إنسان تحمل طابع الأنوثة لتكون آية على قدرة الله البالغة واقتداره البليغ العجيب، فإن الله تعالى خلق محمداً صلى الله عليه وآله ليكون آية قدرته في الأنبياء، ثم خلق منه بضعته وابنته فاطمة الزهراء لتكون علامة وآية على قدرة الله في إبداع مخلوق أنثى تكون كتلة من الفضائل، ومجموعة من المواهب.
فلقد أعطى الله تعالى فاطمة الزهراء أوفر حظ من العظمة، وأوفى نصيب من الجلالة بحيث لا يمكن لأية أنثى أن تبلغ تلك المنزلة، فهي من فصيلة أولياء الله الذين اعترفت لهم السماء بالعظمة قبل أن يعرفهم أهل الأرض، ونزلت في حقهم آيات محكمات في الذكر الحكيم تتلى آناء الليل وأطراف النهار منذ نزولها إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم القيامة. شخصية كلما ازداد البشر نضجاً وفهماً للحقائق واطلاعاً على الأسرار ظهرت عظمة تلك الشخصية بصورة أوسع، وتجلت معانيها ومزاياها بصور أوضح. إنها فاطمة الزهراء، الله يثني عليها، ويرضى لرضاها، ويغضب لغضبها، ورسول الله صلى الله عليه وآله ينوه بعظمتها وجلالة قدرها، وأمير المؤمنين عليه السلام ينظر إليها بنظر الإكبار والإعظام، وأئمة أهل البيت عليهم السلام ينظرون إليها بنظر التقديس والاحترام.
* فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد: المدخل، ص13ـ14.
1-الفصول المهمة: ط بيروت، ص143.
2-الزهراء: ط بيروت، ص12ـ13.
3-يعني قوله تعالى: قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين. (آل عمران،61).
4-مطالب السؤول: ط إيران، ص6و7.
5-حلية الأولياء: ط بيروت،ج2، ص39.
6-شر ح نهج البلاغة: ج9، ص193.
7-أهل البيت: ص132ـ133.
8-أهل البيت: لتوفيق أبو علم،ص128.
9-فاطمة الزهراء عليها السلام، للعلامة دخيل: ص171.
10-كشف الغمة: ط تبريز،ج1ص448.
11-الذبالة: الفتيلة.
12-غلّبه: أثر فيه وخدشه.
13-التأنيب: البالغة في التوبيخ.
14-المأفون: الضعيف الرأي.
15-المصدر، ص454.
16-أي سيدتهن.
17-المناقب: ج3،ص357ـ358.
18-المناقب: ج3،ص357ـ358.
19-الرعونة: الاسترخاء، الحمق، والمراد هنا الأول.
20-الخصائص الفاطمية: ص1.
((حياة السيدة الزهراء(ع)))
1ـ قال ابن صباغ المالكي: ولنذكر طرفاً من مناقبها التي تشرف هذا النسب من نسبها، واكتسى فخراً ظاهراً من حسبها، وهي فاطمة الزهراء بنت من أنزل عليه: سبحان الذي أسرى، ثالثة الشمس والقمر، بنت خير البشر، الطاهرة الميلاد، السيدة بإجماع أهل السداد 1.
2ـ قال الأستاذ عبد الزهراء: ونحن حين نتناول الحديث عن الزهراء عليها السلام بصفتها غرس النبوة، وشجرة الإمامة، فإنما تنكشف لنا أبعاد الرسالة الإسلامية بطابع تجسيدي نلمسه في كل جانب من جوانب شخصيتها عليها السلام ونحن نتابعها، ففي قرانها بعلي بن أبي طالب عليه السلام تنجلي لنا الصورة الحية التي رسمها الإسلام للقرآن الذي ارتضاه خالق هذا الوجود، وفي مواقفها البطولية بعد وفاة أبيها يتكشف لنا المدى البعيد الذي رسمه الإسلام للمرأة من حقوق وواجبات، ومدى فاعليتها في بناء المجتمع الإسلامي. وعلى هذا الأساس تقاس سائر جوانب شخصية الزهراء عليها السلام2.
3ـ قال العلامة محمد بن طلحة الشافعي: اعلم ـ أيدك الله بروح منه ـ أن الأئمة الأطهار المعدودة مزاياهم في هذا المؤلف، والهداة الأبرار المقصودة سجاياهم بهذا المصنف لهم برسول الله زيادة على اتصالهم به بالنسب الشريف اتصالهم به بواسطة فاطمة عليها السلام. فبواسطتها زادهم الله تعالى فضل شرف وشرف فضل، ونيل قدر وقدر نيل، ومحل علو وعلو محل، وأصل تطهير وتطهير أصل... فانظر بنور بصيرتك ـ أمدك الله بهدايتها ـ إلى مدلول هذه الآية3 وترتيب مراتب عباراتها وكيفية إشاراتها إلى علو مقام فاطمة عليها السلام في منازل الشرف وسمو درجتها، وقد بين ذلك وجعلها بينه وبين علي تنبيهاً على سر الآية وحكمتها، فإن الله عز وجل جعلها مكتنفة من بين يديها ومن خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها. وحيث كان المراد من قوله (وأنفسنا) نفس علي مع النبي صلى الله عليه وآله، جعلها بينهما إذ الحراسة بالإحاطة بالأنفس أبلغ منها بالأبناء في دلالتها4.
4ـ قال الحافظ أبو نعيم الأصفهاني: ومن ناسكات الأصفياء وصفيات الأتقياء فاطمة ـرضي الله تعالى عنهاـ السيدة البتول، البضعة الشبيهة بالرسول، ألوط أولاده بقلبه لصوقاً، وأولهم بعد وفاته به لحوقاً، كانت عن الدنيا ومتعتها عازفة، وبغوامض عيوب الدنيا وآفاتها عارفة 5.
5 ـ قال عبد الحميد ابن أبي الحديد: وأكرم رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة إكراماً عظيماً أكثر مما كان الناس يظنونه وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم، حتى خرج بها عن حد حب الآباء للأولاد، فقال لمحضر الخاص والعام مراراً لا مرة واحدة، وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد: (إنها سيدة نساء العالمين، وإنها عديلة مريم بنت عمران، وإنها إذا مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد). وهذا من الأحاديث الصحيحة، وليس من الأخبار المستضعفة. وإن إنكاحه علياً إياها ما كان إلا بعد أن أنكحه الله تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة، وكم قال لا مرة: (يؤذيني ما يؤذيها، ويغضبني ما يغضبها، وإنها بضعة مني، يريبني ما رابها)6.
6 ـ قال الأستاذ توفيق أبو علم: كانت ـ رضي الله عنها ـ كريمة الخليفة، شريفة الملكة، نبيلة النفس، جليلة الحس، سريعة الفهم، مرهفة الذهن، جزلة المروءة، غراء المكارم، فياحة نفاحة، جرئية الصدر، رابطة الجأش، حمية الأنف، نائية عن مذاهب العجب... وكانت في الذروة العالية من العفاف والتصادق، طاهرة الذيل، عفيفة المئزر، عفيفة الطرف... إنها سليلة شرف لا منازع لها فيه من واحدة من بنات حواء فمن تراه... واكتفائها بشرفها كأنها في عزلة بين أبناء آدم وحواء7.
7 ـ قال الأستاذ عباس محمود العقاد المصري: في كل دين صورة الأنوثية الكاملة المقدسة يتخشع بتقديسها المؤمنون، كأنما هي آية الله فيما خلق من ذكر وأنثى، فإذا تقدست في المسيحية صورة مريم العذراء، ففي الإسلام لا جرم تتقدس صورة فاطمة البتول 8.
8 ـ قال الدكتور علي إبراهيم حسن: وحياة فاطمة هي صفحة فذة من صفحات التاريخ، نلمس فيها ألوان العظمة، فهي ليست كبلقيس أو كليو بطرة، استمدت كل منهما عظمتها من عرش كبير وثروة طائلة وجمال نادر. وهي ليست كعائشة نالت شهرتها لما اتصفت به من جرأة جعلتها تقود الجيوش، وتتحدى الرجال، ولكنا أمام شخصية استطاعت أن تخرج إلى العالم وحولها هالة من الحكمة والجلال، حكمة ليس مرجعها الكتب والفلاسفة والعلماء، وإنما تجارب الدهر المليء بالتقلبات والمفاجآت، وجلال ليس مستمداً من ملك أو ثراء، وإنما من صميم النفس9...
9 ـ قال العلامة الإربلي: فلنبدأ الآن بذكر فاطمة عليها السلام التي زاد إشراق هذا النسب بإشراق أنوارها، واكتسب فخراً ظاهراً من فخارها، واعتلى على الأنساب بعلو منارها، وشرف قدره بشرف محلها ومقدارها، فهي مشكاة النبوة التي أضاء لألاؤها، وتشعشع ضياؤها، وسحت بسحب الغر أنواؤها، وعقيلة الرسالة التي علت السبع الشداد مراتب علا وعلاء، ومناصب آل وآلاء، ومناسب سناً وسناء، الكريمة الكريمة الأنساب، الشريفة الشريفة الأحساب، الطاهرة الطاهرة الميلاد، الزهراء الزهراة الأولاد، السيدة بإجماع أهل السداد، الخيرة من الخير، ثالثة الشمس والقمر، بنت خير البشر، أم الأئمة الغرر، الصافية من الشوب والكدر، الصفوة على رغم من جحد أو كفر، الحالية بجواهر الجلال، الحالة في أعلى رتب الكمال، المختارة على النساء والرجال، صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها السادة الأنجاب، وارثي النبوة والكتاب، وسلم وشرف وكرم وعظم 10.
10 ـ وقال أيضاً: إن فاطمة عليها السلام هي سليلة النبوة ورضيعة در الكرم والأبوة، ودرة صدف الفخار، وغرة شمس النهار، وذبالة11 مشكاة الأنوار، وصفوة الشرف والجود، وواسطة قلادة الوجود، نقطة دائرة المفاخر، قمر هالة المآثر، الزهرة الزهراء، والغرة الغراء، العالية المحل، الحالة في رتبة العلاء السامية، المكانة المكينة في عالم السماء، المضيئة النور، المنيرة الضياء، المستغنية باسمها عن حدها ووسمها، قرة عين أبيها، وقرار قلب أمها، الحالية بجواهر علاها، العاطلة من زخرف دنياها، أمة الله وسيدة النساء، جمال الآباء وشرف الأبناء، يفخر آدم بمكانها، ويبوح نوح بشدة شأنها، ويسمو إبراهيم بكونها من نسله، وينجح إسماعيل على أخوته إذ هي فرع أصله، وكانت ريحانة محمد صلى الله عليه وآله من بين أهله، فما يجاريها في مفخر إلا مغلب12، ولا يباريها في مجد إلا مؤنب13، ولايجحد حقها إلا مأفون 14، ولا يصرف عنها وجه إخلاصه إلا مغبون15.
11 ـ قال العلامة الخبير ابن شهر آشوب: وقلنا الصديقة بالأقوال، والمباركة بالأحوال، والطاهرة بالأفعال، الزكية بالعدالة، والرضية بالمقالة، والمرضية بالدلالة، المحدثة بالشفقة، والحرة بالنفقة، والسيدة بالصدقة، الحصان بالمكان، والبتول في الزمان، والزهراء بالإحسان، مريم الكبرى في الستر، وفاطم بالسر، وفاطمة بالبر، النورية بالشهادة، والسماوية بالعبادة، والحانية بالزهادة، والعذراء بالولادة، الزاهدة الصفية، العابدة الرضية، الراضية المرضية، المتهجدة الشريفة، القانتة العفيفة، سيدة النسوان، وحبيبة حبيب الرحمن، المحتجبة عن خزان الجنان، وصفية الرحمن، ابنة خير المرسلين، وقرة عين سيد الخلائق أجمعين، وواسطة العقد بين سيدات نساء العالمين، والمتظلمة بين يدي العرش يوم الدين، ثمرة النبوة، وأم الأئمة وزهرة فؤاد شفيع الأمة، الزهراء المحترمة، والغراء المحتشمة، المكرمة تحت القبة الخضراء، والإنسية الحوراء، والبتول العذراء، ست النساء 16، وارثة سيد الأنبياء، وقرينة سيد الأوصياء، فاطمة الزهراء، الصديقة الكبرى، راحة روح المصطفى، حاملة البلوى من غير فزع ولا شكوى، وصاحبة شجرة طوبى، ومن أنزل في شأنها وشأن زوجها وأولادها سورة هل أتى، ابنة النبي، وصاحبة الوصي، وأم السبطين، وجدة الأئمة، وسيدة نساء الدنيا، والآخرة، زوجة المرتضى، ووالدة المجتبى، وابنة المصطفى، السيدة المفقودة، الكريمة المظلومة الشهيدة، السيدة الرشيدة، شقيقة مريم، وابنة محمد الأكرم، المفطومة من كل شر، المعلومة بكل خير، المنعوتة في الإنجيل، الموصوفة بالبر والتبجيل، درة صاحب الوحي والتنزيل، جدها الخليل، ومادحها الجليل، وخاطبها المرتضى بأمر المولى جبرائيل 17.
12 ـ قال المحقق الشهير الحاج ملا محمد باقر صاحب الخصائص الفاطمية: سبحانك اللهم يا فاطر السماوات العلا، وفالق الحب والنوى، أنت الذي فطرت اسماً من اسمك، واشتققته من نورك، فوهبت اسمك بنورك حتى يكون هو المظهر لظهورك، فجعلت ذلك الاسم جرثومة لجملة أسمائك، وذلك النور أرومة 18 لسيدة إمائك، وناديت في الملأ الأعلى: أنا الفاطر وهي فاطمة، وبنورها ظهرت الأشياء من الفاتحة إلى الخاتمة. فاسمها اسمك، ونورها نورك، وظهورها ظهورك، ولا إلى غيرك، وكل كمال ظلك، وكل وجود ظل وجودك، فلما فطرتها فطمتها عن الكدورات البشرية، واختصصتها بالخصائص الفاطمية، مفطومة عن الرعونات 19 العنصرية، ونزهتها عن جميع النقائص، مجموعة من الخصائل المرضية بحيث عجزت العقول عن إدراكها، والناس فطموا عن كنه معرفتها، فدعا الأملاك في الأفلاك بالنورية السماوية، وبفاطمة المنصورة... أم السبطين، وأكبر حجج الله على الخافقين، ريحانة سدرة المنتهى، وكلمة التقوى، والعروة الوثقى، وستر الله المرخى، والسعيدة العظمى، والمريم الكبرى، والصلاة الوسطى، والإنسية الحوراء التي بمعرفتها دارت القرون الأولى. وكيف أحصي ثناها وإن فضائلها لا تحصى، وفواضلها لا تقضى؟! البتول العذراء، والحرة البيضاء، أم أبيها، وسيدة شيعتها وبنيها، ملكة الأنبياء، الصديقة فاطمة الزهراء، نعم ما قال:
خجلاً من نور بهجتها تتوارى الشمس في الأفق وحياء من شمائلها يغطى الغصن في الورق 20
13 ـ قال المحقق البارع السيد كاظم القزويني: فاطمة، وما أدراك من فاطمة! شخصية إنسان تحمل طابع الأنوثة لتكون آية على قدرة الله البالغة واقتداره البليغ العجيب، فإن الله تعالى خلق محمداً صلى الله عليه وآله ليكون آية قدرته في الأنبياء، ثم خلق منه بضعته وابنته فاطمة الزهراء لتكون علامة وآية على قدرة الله في إبداع مخلوق أنثى تكون كتلة من الفضائل، ومجموعة من المواهب.
فلقد أعطى الله تعالى فاطمة الزهراء أوفر حظ من العظمة، وأوفى نصيب من الجلالة بحيث لا يمكن لأية أنثى أن تبلغ تلك المنزلة، فهي من فصيلة أولياء الله الذين اعترفت لهم السماء بالعظمة قبل أن يعرفهم أهل الأرض، ونزلت في حقهم آيات محكمات في الذكر الحكيم تتلى آناء الليل وأطراف النهار منذ نزولها إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم القيامة. شخصية كلما ازداد البشر نضجاً وفهماً للحقائق واطلاعاً على الأسرار ظهرت عظمة تلك الشخصية بصورة أوسع، وتجلت معانيها ومزاياها بصور أوضح. إنها فاطمة الزهراء، الله يثني عليها، ويرضى لرضاها، ويغضب لغضبها، ورسول الله صلى الله عليه وآله ينوه بعظمتها وجلالة قدرها، وأمير المؤمنين عليه السلام ينظر إليها بنظر الإكبار والإعظام، وأئمة أهل البيت عليهم السلام ينظرون إليها بنظر التقديس والاحترام.
* فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد: المدخل، ص13ـ14.
1-الفصول المهمة: ط بيروت، ص143.
2-الزهراء: ط بيروت، ص12ـ13.
3-يعني قوله تعالى: قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين. (آل عمران،61).
4-مطالب السؤول: ط إيران، ص6و7.
5-حلية الأولياء: ط بيروت،ج2، ص39.
6-شر ح نهج البلاغة: ج9، ص193.
7-أهل البيت: ص132ـ133.
8-أهل البيت: لتوفيق أبو علم،ص128.
9-فاطمة الزهراء عليها السلام، للعلامة دخيل: ص171.
10-كشف الغمة: ط تبريز،ج1ص448.
11-الذبالة: الفتيلة.
12-غلّبه: أثر فيه وخدشه.
13-التأنيب: البالغة في التوبيخ.
14-المأفون: الضعيف الرأي.
15-المصدر، ص454.
16-أي سيدتهن.
17-المناقب: ج3،ص357ـ358.
18-المناقب: ج3،ص357ـ358.
19-الرعونة: الاسترخاء، الحمق، والمراد هنا الأول.
20-الخصائص الفاطمية: ص1.