قصيدة "وقفتُ على الدار التي كنتُمُ بها" للشاعر: بن العرندس

طوايا نظامي في الزمان لها نشر **** يعطرها من طيب ذكراكم نشر

قصائد ما خابت لهن مقاصد **** بواطنها حمد ظواهرها شكر

مطالعها تحكي النجوم طوالعا **** فأخلاقها زهر وأنوارها زهر

عرائس تجلي حين تجلي قلوبنا **** أكاليلها در وتيجانها تبر

حسان لها حسان بالفضل شاهد **** على وجهها تبر يزان بها التبر

أنظمها نظم اللئالي وأسهر الليالي **** ليحيى لي بها وبكم ذكر

فيا ساكني أرض الطفوف عليكم **** سلام محب ما له عنكم صبر

نشرت دواوين الثنا بعد طيها **** وفي كل طرس من مديحي لكم سطر

فطابق شعري فيكم دمع ناظري **** فمبيض ذا نظم ومحمر ذا نثر

فلا تتهموني بالسلو فإنما **** مواعيد سلواني وحقكم الحشر

فذلي بكم عز وفقري بكم غنى **** وعسري بكم يسر وكسري بكم جبر

ترق بروق السحب لي من دياركم **** فينهل من دمعي لبارقها القطر

فعيناي كالخنساء تجري دموعها **** وقلبي شديد في محبتكم صخر

وقفتُ على الدار التي كنتُم ُ بها **** فمغناكُـمُ من بَعد معناكُـمُ فقرُ

و قد دُرست منها الدروس و طالما **** و قد دُرست منها الدروس و طالما

وسالت عليها من دموعي سحائبٌ **** إلى أن تروّى البانُ بالدمع والسدر

فَراق فِراقُ الروح لي بعد بُعدكم **** و دار برسم الدار في خاطري الفكر

وقد أقلعتْ عنها السحاب ولم يُجد **** و لا درّ من بعد الحسين لها درّ

إمام الهدى سبط النبوّة والد الأئمّـ **** ــــة ربّ النهي مولىً له الأمر

إمامٌ أبـوه المرتضى علم الهدى **** وصيّ رسول الله والصنو والصهر

إمامٌ بكته الإنس و الجنّ و السما **** و وحش الفلا والطير والبرّ والبحر

لـه القبّة البيضاء بالطفّ لم تزل **** تطوف بها طوعا ً ملائكه غُرّ

وفيـه رسول الله قال وقولـه **** صحيح صريح ليس في ذلكم ذكر

حُبي بثلاث ما أحاط بمثلهـا **** وليّ فمن زيد هناك و من عمرو

لـه تربـة فيهـا الشفاء و قبّة **** يجاب بهـا الداعي إذا مسّه الضرّ

وذريّـة دريّـة منـه تسعـة **** أئمّـة حقّ لا ثمان و لا عشر

أيقتل ظمآنـا ً حسين بكربـلا **** و في كلّ عضو من أنامله بحر

و والده الساقي على الحوض في غد **** و فاطمةٌ ماء الفرات لهـا مهر

فوالهف نفسي للحسين و ما جنى **** عليه غداة الطفّ في حربه الشمر

رماه بجيش كالظلام قِسيّـة الأ **** هلّـة و الخِرصان أنجمـه الزُّهر

لراياتهـم نصبٌ و أسيافهـم جزم **** و للنقع رفـعٌ و الرماح لها جرّ

تجمّع فيهـا من طغاة أميّـة **** عصابة غدر لا يقوم لهـا عذر

و أرسلها الطاغي يزيد ليملك الـ **** ـعراق و ما أغنته شام و لا مصر

و شدّ لهم أزراً سليل زيادهـا **** فحلّ بـه من شر ّ أزرهم الوزر

و أمّر فيهم نجل سعد لنحسـه **** فما طال في الريّ اللعينُ له عُمر

فلمّا التقى الجمعان في أرض كربلا **** تباعد فعل الخير و اقترب الشرّ

فحاطوا به في عشر شهر محرّم **** وبيض المواضي في الأكفّ لها شَمر

فقام الفتى لمّـا تشاجرت القنا **** وصال وقد أودى بمهجتـه الحَرّ

وجال بطرف في المجال كأنـّه **** دُجى الليل في لألاء غُرّته الفجر

لـه أربع للريح فيهـنّ أربع **** لقد زانه كرٌّ و ما شانه الفرّ

ففرّق جمع القوم حتّى كأنّهـم **** طيور بُغاث شتّ شملهم الصقر

فأذكرهم ليلَ الهرير فأجمع الكلا **** بُ على الليث الهزبر وقد هرّوا

هناك فدتـه الصالحون بأنفس **** يُضاعف في يوم الحساب لها الأجر

وحادوا عن الكفّار طوعاً لنصره **** وجاد له بالنفس مِن سعده الحُرّ

ومدّوا إليــه ذُبّلاً سمهريّـة **** لطول حياة السبط في مدّها جزر

فغادره في مارق الحرب مارقٌ **** بسهم لنحر السبط مِن وَقعه نحر

فمال عن الطرف الجواد أخو الندى **** الجواد قتيلاً حوله يصهل المهر

سَنان سِنان خارق منه في الحشا **** وصارم شمر في الوريد له شَمر

تجرّ عليـه العاصفات ذيولهـا **** ومِن نسج أيدي الصافنات له طُمر

فرجّت له السبع الطباق وزُلزلت **** رواسي جبال الأرض والتطم البحر

فيالك مقتولا ً بكته السماء دمـاً **** فمغبّر وجـه الأرض بالدم محمرّ

ملابسه في الحرب حمر من الدما **** وهنّ غداة الحشر من سندس خضر

ولهفي لزين العابدين وقد سرى **** أسيراً عليلا ً لا يُفكّ له أسر

و آل رسول الله تُسبى نساؤهم **** ومن حولهنّ الستر يُهتك والخدر

سبايا بأكوار المطايـا حواسراً **** يلاحظُهنّ العبد في الناس والحرّ

ورملة في ظلّ القصور مصونة **** يُناط على أقراطها الدرّ و التِبر

فويل يزيد ٍ من عذاب جهنّم **** إذا أقبلت في الحشر فاطمة الطهر

ملابسهـا ثوب من السمّ أسود **** و آخر قانٍ من دم السبط محمرّ

تنادي و أبصار الأنام شواخصٌ **** وفي كلّ قلب من مهابتها ذعر

وتشكو إلى الله العليّ و صوتها **** عليّ و مولانا عليّ لها ظهر

فلا ينطق الطاغي يزيد بما جنى **** و أنّى له عذر و من شأنه الغدر

فيؤخذ منـه بالقصاص فيحرم الـ **** ـنعيم ويُخلى في الجحيم له قصر[حفر]

و يشدو لـه الشادي فيطربـه الغِنا **** ويُسكب في الكأس النضار لـه خمر

فذاك الغِنا في البعث تصحيفه العَنا **** وتصحيف ذاك الخمر في قلبه الجمر

أيُقرع جهـلاً ثغر سبط محمّد **** و صاحب ذاك الثغر يحمى له الثغر

فليس لأخـذ الثـار إلاّ خليفـة **** يكون لكسر الدين من عدله جبر

تحفّ به الأملاك من كل جانب **** و يقدمه الإقبال و العزّ و النصر

عواملـه في الدار عين شـوارعٌ **** و حاجبـه عيسى و ناظره الخضر

تظـلّلـه حقـاً عمامـة جـدّه **** إذا ما ملوك الصيد ظلّلها الجبر

محيط على علـم النبوّة صدره **** فطوبى لعلم ضمـّه ذلك الصدر

هو ابن الإمام العسكريّ محمّد الـــ **** ـــتقيٌّ النقيّ الطاهر العلم الحَبر

مصابكُـمُ يا آل طـه مصيبـة **** ورزء على الإسلام أحدثه الكفر

سأندبكـم يا عدّتي عند شدّتي **** و أبكيكُـمُ حزناً إذا أقبل العشر

و أبكيكُـمُ ما دمت حيّاً فإن أمت **** ستبكيكُمُ بعدي المرانيَ و الشعر

عرائس فكر الصالح بن عرندس **** قبولكُـمُ يا آل طـه لهـا مهر

وكيف يحيط الواصفون بمدحكــم **** وزمزم و البيت المحرّم والحجر

جعلتكُـمُ يوم المعـاد وسيـلتي **** فطوبى لمن أمسى و أنتم له ذخر

سيُبلي الجديدان الجديدَ و حبّكـم **** جديد بقلبي ليس يُخلقـه الدهر

عليكم سلام اللـه مـالاح بارق **** و حلّت عقود الحُزن و انتشر القطر


منتديات @المخرج علي العذاري

@سارة الموسوي




المخرج علي العذاري