-------------الثّعلب والدّب والذئب-------------
تحت ظلالٍ وارفةٍ في غابةٍ من الغابات، وبين مجاري المياه والسّفوح الخضراء، تآلف ثعلب وذئب ودب. عاش كلّ منهم حياةً جميلةً هادئةً، لما كان بينهم من حُبٍ واتّفاق وتعاون. وغالبًا ما كان الأصدقاء الثلاثة يمضون النّهار معًا، ويتجوّلون في أنحاء الغابة بحثًا عن الطّعام وطلبًا للعب.
وفي يومٍ من الأيام، وبينما كان الثلاثة جالسين عند ضفّة النهر، يرمون المياه الجارية بالحصى، قال الثعلب: أفكر في أمرٍ أظنّ أنّه سيعجبكما.
فقال الذئب: وما هو هذا الأمر الذي تفكّر به يا صديقي الثعلب؟ كنتَ دائما أيّها الثعلب الطّيب صاحبَ أفكارٍ جميلةٍ ومفيدةٍ. قُل لنا بماذا تفكّر؟
فقال الثعلب: أفكّر لو وجدنا طريقةً نأكل بها الخبز.
ابتسم الذئب وقال: إنّها فكرة رائعة. الخبز طيّب، وأظنّ أن الثعلب لو فكّر قليلاً لَوَجَد الطّريقة، ونستطيع بها أن نتدبّر أمر الخبز ونأكل طعامًا طالما حلمنا به.
وهنا قال الدبّ: ليس هناك من طريقةٍ يا صديقي الثعلب لنحصل على الخبز.
فقال الثّعلب: أمّا أنت يا صديقي الذئب، فأظنّ أنّك لو بدأتَ بزرع القمح لسَهل علينا أمر توفير الخبز بعد ذلك. ثمّ قال للدبّ: أمّا أنت يا صديقي الدّب، فعليك أن تساعد الذّئب.
فقال الدبّ: وكيف أساعده؟
قال الثعلب: زراعة القمح تحتاجُ إلى سقاية القمح. أليس كذلك؟
صحيح! صحيح! قال الدّب.
فأردف الثعلب: إذن عليك أن تروي القمح بعد أن يزرعه الذّئب.
وهنا قال الذّئب: وأنتَ يا صديقي الثعلب، ماذا سيكون عملك؟
فقال الثعلب: إنّه عمل صعب، ولكن من أجل صداقتي لكما عليّ أن أتحمّل، ولو كان سيجعلني أسهر طيلة الليل.
ما هو عملك إذن؟ قال الدّب.
فقال الثعلب: “يجب أن أحرس القمح كلّ يومٍ طيلة الليل. هل توافقان؟ وكان أن وافق كلّ واحد من الثلاثة على العمل الذي سيقوم به.
جاء الذئب بالقمح، وبعد أن حرث الأرض، زرعه. ثم راح الدّب بعد ذلك يرويه بالماء الذي حفر له قناةً عبر الدّروب، وأوصله من النّهر إلى الحقل.
أمّا الثّعلب فكان كلّ ليلةٍ، ما إن يغفو كلّ من الدّب والذّئب بعد نهارٍ متعبٍ لهما جدًا، يستلقي عند شجرةٍ قريبةٍ من حقل القمح يتأمّل النّجوم والقمر ويسهر ما يحلو له السّهر، ثم يطبق جفنيه وينام طيلة اللّيل قرير العين.
ومع الأيّام، كبر القمح، فاخضرّ، ثم اصفرّ، ثم نضج. وكان منظره جميلاً جدًا، وهو يغطّي تراب الحقل كقطعةٍ ذهبيةٍ.
جمع الثّعلب الذئب والدّب وقال لهما: ها قد نضج القمح، وعلينا أن نفتّش عن طريقةٍ نحصده بها.
فقال الذئب: ألم تجد طريقةً سهلةً يا صديقي الثعلب؟ فإنّ زراعة القمح قد أتعبتني.
فقال الثعلب: صحيح، يجب أن نجد طريقةً تُريحنا نحن الثلاثة. اسمعا: أنتَ يا صديقي الدّب، عليك أن تروح وتجيء مرّات كثيرة فوق القمح ليصبح مساويًا للأرض. أمّا أنت يا صديقي الذئب، فعليك أن تساعد الدّب في هذا العمل. وأمّا أنا فسأختار العمل الشّاق، وهو أن أحرس لكما الطريق من أي قادمٍ يريد لنا الشّر. فوافق الجميع. وراح الدّب والذئب يدوسان القمح، بينما راح الثّعلب يذرع الدّروب ويأكل التين ويتلذّذ بالعنب من الكروم المُنتشرة قرب الحقل.
مرّت أيام ثلاثة دَرَس فيها الدّب والذئب السّنابل حتى أصبح القمح تبنًا وسوقًا وقمحًا. فجاء الثّعلبُ الذّئبَ والدّبَ وهو مُنشرح الصّدر وقال: يا لكما من عاملين مجتهدين، لقد جاء وقت القسمة.
فقال الدّب: رأينا هو رأيك يا صديقي الثّعلب. أليس كذلك أيّها الذئب؟
فقال الذئب: صحيح، فإنّ الثعلب حكيم ويعرف كيف يتدبّر الأمر.
وهنا قال الثعلب: أمّا أنتَ يا صديقي الدّب، فتأخذ السّوق وهي مفيدة. وأمّا أنت يا صديقي الذّئب، فتأخذ التّبن، وستجد لذةً في أكله. ويبقى القمح فآخذه أنا، ويكون كلّ واحدٍ منّا قد أخذ حصّته من غير أن يُصاب أحد بغبنٍ. فوافق الثلاثة وأخذ كلّ منهم حصّته.
عندما وصل الذّئب إلى بيته، وبدأ يأكل التبن بعد أن ألحّ الجوع عليه، وَجد أنّ التبن لا يُؤكَل. وعندما وصل الدّب إلى بيته وبدأ يأكل السّوق، بعد أن ألحّ الجوع عليه، وجد أن السّوق ليس للأكل. أمّا الثّعلب فأخذ القمح إلى المطحنة وطحنه، وعاد بالطّحين إلى البيت وصَنَع منه عجينًا، وأشعل النار، وراح يخبز، حتّى إذا فرغ، جلس ليأكل وهو فرحان يضحك من بساطة الذّئب وغباء الدّب.
أمّا الدب والذئب، فقرّرا بعد أن اجتمعا، أن يذهبا إلى بيت الثّعلب ويعترضا على ما فعله معهما.
ولمّا دخلا عليه، وجداه وقد أعدّ الخبز وراح يأكل بلذّةٍ ونَهمٍ. فصرخ الدّب: إنّك كذّاب أيّها الثعلب. وصرخ الذّئب: لقد خنتني يا قليل الوفاء!
وهجم الإثنان على الأرغفة وبدآ الأكل. ثم عضّ الذئب الثّعلب في عنقه فراح يبكي. أمّا الدب فمدّ يدًا إلى الخبز وبدأ يأكل بنهمٍ، أمّا يده الثّانية فقد قبضت على ذنب الثّعلب وراحت تشدّ وتشدّ حتى بات صراخ الثّعلب يُسمَع في أرجاء الغابة.
بكى الثّعلب. أمّا الدّب والذئب فقرّرا أن يقتصّا من الثعلب بأن يذهب ويأتي بالسوق والتّبن ويشعل الفرن ويخبز ما تبقى من الطّحين ليأكلا منه بشهيةٍ أمامه من دون أن يطعماه أيّة لقمةٍ.
ندم الثّعلب. ولكن النّدم لم ينفع صاحبه في يومٍ… فقد “سبق السّيف العذل، ولاتَ ساعةَ مَندَمٍ”.
تحت ظلالٍ وارفةٍ في غابةٍ من الغابات، وبين مجاري المياه والسّفوح الخضراء، تآلف ثعلب وذئب ودب. عاش كلّ منهم حياةً جميلةً هادئةً، لما كان بينهم من حُبٍ واتّفاق وتعاون. وغالبًا ما كان الأصدقاء الثلاثة يمضون النّهار معًا، ويتجوّلون في أنحاء الغابة بحثًا عن الطّعام وطلبًا للعب.
وفي يومٍ من الأيام، وبينما كان الثلاثة جالسين عند ضفّة النهر، يرمون المياه الجارية بالحصى، قال الثعلب: أفكر في أمرٍ أظنّ أنّه سيعجبكما.
فقال الذئب: وما هو هذا الأمر الذي تفكّر به يا صديقي الثعلب؟ كنتَ دائما أيّها الثعلب الطّيب صاحبَ أفكارٍ جميلةٍ ومفيدةٍ. قُل لنا بماذا تفكّر؟
فقال الثعلب: أفكّر لو وجدنا طريقةً نأكل بها الخبز.
ابتسم الذئب وقال: إنّها فكرة رائعة. الخبز طيّب، وأظنّ أن الثعلب لو فكّر قليلاً لَوَجَد الطّريقة، ونستطيع بها أن نتدبّر أمر الخبز ونأكل طعامًا طالما حلمنا به.
وهنا قال الدبّ: ليس هناك من طريقةٍ يا صديقي الثعلب لنحصل على الخبز.
فقال الثّعلب: أمّا أنت يا صديقي الذئب، فأظنّ أنّك لو بدأتَ بزرع القمح لسَهل علينا أمر توفير الخبز بعد ذلك. ثمّ قال للدبّ: أمّا أنت يا صديقي الدّب، فعليك أن تساعد الذّئب.
فقال الدبّ: وكيف أساعده؟
قال الثعلب: زراعة القمح تحتاجُ إلى سقاية القمح. أليس كذلك؟
صحيح! صحيح! قال الدّب.
فأردف الثعلب: إذن عليك أن تروي القمح بعد أن يزرعه الذّئب.
وهنا قال الذّئب: وأنتَ يا صديقي الثعلب، ماذا سيكون عملك؟
فقال الثعلب: إنّه عمل صعب، ولكن من أجل صداقتي لكما عليّ أن أتحمّل، ولو كان سيجعلني أسهر طيلة الليل.
ما هو عملك إذن؟ قال الدّب.
فقال الثعلب: “يجب أن أحرس القمح كلّ يومٍ طيلة الليل. هل توافقان؟ وكان أن وافق كلّ واحد من الثلاثة على العمل الذي سيقوم به.
جاء الذئب بالقمح، وبعد أن حرث الأرض، زرعه. ثم راح الدّب بعد ذلك يرويه بالماء الذي حفر له قناةً عبر الدّروب، وأوصله من النّهر إلى الحقل.
أمّا الثّعلب فكان كلّ ليلةٍ، ما إن يغفو كلّ من الدّب والذّئب بعد نهارٍ متعبٍ لهما جدًا، يستلقي عند شجرةٍ قريبةٍ من حقل القمح يتأمّل النّجوم والقمر ويسهر ما يحلو له السّهر، ثم يطبق جفنيه وينام طيلة اللّيل قرير العين.
ومع الأيّام، كبر القمح، فاخضرّ، ثم اصفرّ، ثم نضج. وكان منظره جميلاً جدًا، وهو يغطّي تراب الحقل كقطعةٍ ذهبيةٍ.
جمع الثّعلب الذئب والدّب وقال لهما: ها قد نضج القمح، وعلينا أن نفتّش عن طريقةٍ نحصده بها.
فقال الذئب: ألم تجد طريقةً سهلةً يا صديقي الثعلب؟ فإنّ زراعة القمح قد أتعبتني.
فقال الثعلب: صحيح، يجب أن نجد طريقةً تُريحنا نحن الثلاثة. اسمعا: أنتَ يا صديقي الدّب، عليك أن تروح وتجيء مرّات كثيرة فوق القمح ليصبح مساويًا للأرض. أمّا أنت يا صديقي الذئب، فعليك أن تساعد الدّب في هذا العمل. وأمّا أنا فسأختار العمل الشّاق، وهو أن أحرس لكما الطريق من أي قادمٍ يريد لنا الشّر. فوافق الجميع. وراح الدّب والذئب يدوسان القمح، بينما راح الثّعلب يذرع الدّروب ويأكل التين ويتلذّذ بالعنب من الكروم المُنتشرة قرب الحقل.
مرّت أيام ثلاثة دَرَس فيها الدّب والذئب السّنابل حتى أصبح القمح تبنًا وسوقًا وقمحًا. فجاء الثّعلبُ الذّئبَ والدّبَ وهو مُنشرح الصّدر وقال: يا لكما من عاملين مجتهدين، لقد جاء وقت القسمة.
فقال الدّب: رأينا هو رأيك يا صديقي الثّعلب. أليس كذلك أيّها الذئب؟
فقال الذئب: صحيح، فإنّ الثعلب حكيم ويعرف كيف يتدبّر الأمر.
وهنا قال الثعلب: أمّا أنتَ يا صديقي الدّب، فتأخذ السّوق وهي مفيدة. وأمّا أنت يا صديقي الذّئب، فتأخذ التّبن، وستجد لذةً في أكله. ويبقى القمح فآخذه أنا، ويكون كلّ واحدٍ منّا قد أخذ حصّته من غير أن يُصاب أحد بغبنٍ. فوافق الثلاثة وأخذ كلّ منهم حصّته.
عندما وصل الذّئب إلى بيته، وبدأ يأكل التبن بعد أن ألحّ الجوع عليه، وَجد أنّ التبن لا يُؤكَل. وعندما وصل الدّب إلى بيته وبدأ يأكل السّوق، بعد أن ألحّ الجوع عليه، وجد أن السّوق ليس للأكل. أمّا الثّعلب فأخذ القمح إلى المطحنة وطحنه، وعاد بالطّحين إلى البيت وصَنَع منه عجينًا، وأشعل النار، وراح يخبز، حتّى إذا فرغ، جلس ليأكل وهو فرحان يضحك من بساطة الذّئب وغباء الدّب.
أمّا الدب والذئب، فقرّرا بعد أن اجتمعا، أن يذهبا إلى بيت الثّعلب ويعترضا على ما فعله معهما.
ولمّا دخلا عليه، وجداه وقد أعدّ الخبز وراح يأكل بلذّةٍ ونَهمٍ. فصرخ الدّب: إنّك كذّاب أيّها الثعلب. وصرخ الذّئب: لقد خنتني يا قليل الوفاء!
وهجم الإثنان على الأرغفة وبدآ الأكل. ثم عضّ الذئب الثّعلب في عنقه فراح يبكي. أمّا الدب فمدّ يدًا إلى الخبز وبدأ يأكل بنهمٍ، أمّا يده الثّانية فقد قبضت على ذنب الثّعلب وراحت تشدّ وتشدّ حتى بات صراخ الثّعلب يُسمَع في أرجاء الغابة.
بكى الثّعلب. أمّا الدّب والذئب فقرّرا أن يقتصّا من الثعلب بأن يذهب ويأتي بالسوق والتّبن ويشعل الفرن ويخبز ما تبقى من الطّحين ليأكلا منه بشهيةٍ أمامه من دون أن يطعماه أيّة لقمةٍ.
ندم الثّعلب. ولكن النّدم لم ينفع صاحبه في يومٍ… فقد “سبق السّيف العذل، ولاتَ ساعةَ مَندَمٍ”.