بتول أيوب: كنت ارتدي عباءة خليجية كي لا يعرفونني


بتول أيوب : كنت ارتدي عباءة خليجية كي لا يعرفونني I_2a56470de41


شكلت محطة المنار لسان حال حزب الله ذات الحضور الذي لا يغيب في منازل مناصريه، أول هدف للقصف الاسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت في حرب الصيف الماضي وآخر أهدافه قبيل بدء تنفيذ وقف اطلاق النار

«الحرب بدأت بضربة للمنار وانتهت بضربة للمنار»، يقول مدير الاخبار والبرامج السياسية في المحطة محمد عفيف وكأن في ذلك اعترافا من آلة الحرب الاسرائيلية بأولوية دور القناة التلفزيونية الواسعة الانتشار والتي يعتبر الفريق العامل فيها ان عدم توقفها عن البث رغم القصف العنيف «جعلها جزءا من النصر».

والمحطة التي ترسم «الاجندة الفكرية» لمناصري الحزب يستقون منها مواقفهم من العالم الخارجي والأحداث الداخلية تحولت خلال الحرب الى خلية عمل سرية يتنقل طواقمها بين محطات بث مموهة لم تتمكن التقنية الاسرائيلية من كشفها.

تقول بتول أيوب المذيعة الشابة التي كانت المرأة الوحيدة في صفوف هذه الكتيبة الصحافية السرية «في الطريق (الى مركز البث المموه) «كنت اشعر بخوف شديد لكنني ادخل في الجو حالما أصبح داخل الجبهة، أصاب بالقلق للحظة ثم ادخل في منطق الواجب». انه نوع خاص من الاعلام، ذلك المتقلب بين المتطلبات التقليدية لمهنة المتاعب وتلك غير التقليدية لمهمات محفوفة بمخاطر تهون وطأتها امام خدمة العقيدة.

ويقول محمد عفيف مدير الاخبار والبرامج السياسية في تلفزيون المنار «اتخذنا اجراءات احتياطية حتى لا تضرب صورة المنار» التي لم تغب خلال الحرب سوى دقائق معدودة رغم تدمير مقر المحطة. ويتحدث عن خطوات حثيثة قامت بها الادارة لإيجاد بدائل بعد تدمير المبنى الاساسي من دون ان ينفي تحضيرات سابقة على مدى اشهر من باب ان «المنطقة كلها تغلي وملامح الحرب واضحة».

ويكتفي بالتعليق حول هذه الاجراءات «هذا جزء من اسرار الحرب». ويروي «بنينا بشكل سريع استديو مؤقتا انتقلنا اليه بعد قصف المركز الرئيسي وكنا قد ركزنا فريق عمل داخله في حالة جهوزية للعمل».

مع تعرض المبنى الرئيسي للقصف للمرة الاولى ليل 13 من يوليو (تموز) الماضي بعد وقت قصير من قصف مطار بيروت الدولي، اتخذت ادارة المحطة قرارا بخفض عدد الموظفين الى حده الأدنى لجهة الاستغناء عن الموظفين الاداريين والاحتفاظ بقلة قليلة من العاملين في مجال الاخبار. الا ان المبنى دمر تماما في قصف صاروخي استهدفه فجر 17 من يوليو (تموز) من دون ان يوقع اصابات في صفوف عدد قليل من الفريق العامل كان موجودا فيه، كما يقول عفيف.

اسأله «هل يمكن ان يدمر مبنى وفي داخله افراد من دون أي اصابة؟» فيجيب «عندما قال السيد (حسن نصر الله) ان الانتصار إلهي تساءل البعض هل يعقل ذلك؟ تلك واحدة من علامات التدخل الالهي».

يرد عفيف تمكن المنار من الاستمرار بالبث من مواقع سرية طوال العمليات العسكرية الى «استخدام اساليب تمويه وتضليل ممتازة لا أستطيع ان أكشف عنها».

ويقول «كانت واحدة من علامات الثقة لدى الاهالي ان تلفزيون المنار لا يزال يبث رغم ان الضاحية الجنوبية تتعرض للقصف عن بكرة ابيها فكان المذيع يقدم نشرة الاخبار والمعركة محتدمة وهو يبتسم، كان ذلك بمثابة ضخ للمعنويات لدى الناس».

ادت شاشة المنار خلال الحرب الاخيرة دورا تعبويا لجهة رص صفوف انصار حزب الله الواقعين تحت القصف العنيف والتهجير، كما اتقنت فنون الحرب النفسية عبر التركيز على خسائر الداخل الاسرائيلي وصور القتلى المدنيين اللبنانيين تكررها وتبرزها في اشد تفاصيلها. وغابت عن الشاشة تماما صور قتلى مجندي الحزب او التدمير الكامل لمقراته حتى علقت بعض وسائل الاعلام الغربية متساءلة هل أن الحرب الدائرة هي بين طرف ظاهر وآخر لا يرى.

الى جانب ذلك، شكلت المحطة مصدرا اخباريا رئيسيا لوسائل الاعلام الأخرى. وشكلت نقطة الذروة في هذا الدور الكلمات التي درج على توجيهها الامين العام للحزب حسن نصر الله ليلعب دور الناطق الرسمي باسمه يعدد انجازاته ويعلق على عملياته العسكرية ويشحذ الناس ويرد على منتقديه ويعلق على الاحداث والمواقف. وغالبا ما كانت محطات التلفزة توقف ارسالها لتنقل مباشرة كلمات نصر الله عن المنار.

يقول عفيف «كان تنسيق بيني وبين السيد (نصر الله) حول توقيت بث الشريط المصور وغالبا ما كان الشريط يذاع فورا وحتى ولو في وقت متأخر ولم يكن هنالك وقت متأخر فعلا انذاك فالناس كانت تتابعنا ليلا نهارا والقصف متواصل».

ويضيف « في المرحلة الاولى، كنت ابلغ الصحافيين اننا سنبث كلمة للسيد وبتنا في مرحلة لاحقة نكتفي بوضع اشارة خبر عاجل على الشاشة» معتبرا ان اوقات الذروة هذه في الاستماع للمحطة «اعطتنا سلطة اعلامية كبيرة».

ويقول ان تقنية نقل كلمات الامين العام للحزب «كانت بسيطة وتتلخص بتصويره ونقل الشريط» الا انه يشير الى «ان الخطورة في لحظة بث هذه الكلمات التي ترافقت مع قصف مبنى المنار الرئيسي المدمر كليا مرات عدة».

ويشكل النقل عن المصادر الاعلامية الاسرائيلية تقليدا في اداء المحطة التي غالبا ما تضمن نشراتها الاخبارية الثماني على مدار اليوم مشاهد من البث الاسرائيلي. في يوميات حرب الصيف الماضي، دأبت القناة على النقل المباشر عن المحطات الاسرائيلية لبيانات قاداته التي جاءت متطابقة مع الاخبار المتضمنة في بيانات الحزب عن تحركات مقاتليه. يقول عفيف «كانت وسائل الاعلام الاخرى قادرة على قدر اكبر من التغطية الميدانية اذ كنا معرضين للقصف وواجهنا معاناة لوجستية هائلة لكن الخبر الصحيح عن المعارك كنا نحن مصدره وكانت وكالات الانباء العالمية تنقله عنا» مشيرا الى «تنسيق دقيقة بدقيقة مع قيادة المقاومة».

ويضيف «لم تهتز مصداقية المنار قيد انملة في الحرب، كل ما قلناه عن تدمير دبابات وإطلاق صواريخ وسير المعارك كان صحيحا مئة بالمائة وهو اقل مما جرى بالفعل على الارض». ويتابع «لا يمكنني ان اقدم دليلا على ذلك لكن الاسرائيليين اعترفوا وأكدوا معلوماتنا».

ولا ينفي الدور التعبوي الرئيسي الذي لعبته المحطة «عبر الصورة والكليب والأناشيد الحماسية والقرآن والدعاء وبث كلمات السيد والتعبئة التي يقوم بها الخطباء في المساجد انما ليس عبر المس بالخبر ومصداقيته».

يفخر مدير الاخبار والبرامج السياسية في المنار بان القناة كانت الوحيدة التي ابقت مراسلا لها طوال الحرب في المنطقة الحدودية التي شهدت تقدما للجيش الاسرائيلي ومواجهات مع مقاتلي الحزب.

ويصف مراسل المحطة في تلك المناطق علي شعيب بأنه «مراسل شجاع». أسأله: هل هو مدرب عسكريا ايضا وعلى اتصال بالمقاتلين؟ فيقول «انه مراسل فقط لا يقوم بأي مهام مزدوجة» شارحا ان شعيب خرج مع موكب المراسلين الصحافيين الذي غادر المنطقة في المرحلة الاولى من المعارك الا انه عاد اليها بمفرده واستمر يتنقل فيها الى انتهاء المعارك.

ويقول عفيف ان مراسلي المحطة «ليسوا مدربين بشكل خاص على مهام حربية لكنهم من جيل واكب عمليات المقاومة في الجنوب وبعضهم قام بتغطية في العراق او في افغانستان ولديه خبرة في تغطية الحروب». ويضيف الى ذلك ان هؤلاء المراسلين «من اولاد المنطقة ومشبعون بثقافة البيئة التي يعملون فيها الامر الذي اعطاهم اولوية».

ويتحدث مدير الاخبار والبرامج السياسية عن ازدواجية عاشتها محطة المنار وطاقمها في ايام الحرب «كان المطلوب ان نعمل كمحطة تلفزيونية تنقل الخبر الى العالم وان نتخذ في الوقت نفسه اجراءات تمويه لحماية المبنى والمراسلين وحماية نقل الصورة وأثبتت الحرب اننا نجحنا». ويقول «كنا نعرف حجم المخاطر التي تهددنا ومعنى ان تقصف المباني التي نبث منها لكننا كنا نعرف أكثر معنى اسكات المنار».

رافق تحول المنار من قناة اعلامية معلنة الى شبكة سرية تبث من استديوهات مموهة، تحول في وظائف طواقمها على قلة عدد من بقي عاملا في تلك الظروف. اذ تحول هؤلاء من صحافيين الى ما يشبه الناشطين في منظمات جهادية كما يروي رواد هذا العمل الصحافي الخاص.

يقول مروان عبد الساتر مدير العمليات في الارسال الارضي للمحطة «كانت تجربة انسانية لا مثيل لها، كنا في بيئة على درجة كبيرة من القساوة وغالبيتنا متزوج ولديه اولاد لكننا شعرنا اننا ساهمنا في جزء من الانتصار لأن غياب المنار كان يعني هبوط معنويات الأهالي» في المناطق التي تتعرض للقصف الشديد. ويشرح المسؤول عن المراسلين ان المحطة اقامت خلال الحرب ثلاث نقاط بث مباشر وكانت تلك من اصعب المهمات. ويقول «لم يكن مراسلونا يظهرون في بث مباشر بحسب أهمية الخبر ولكن بحسب الوضع الامني»، 

مشيرا الى ان هؤلاء المراسلين «أغنياء بتجربتهم السابقة في تغطية حروب الجنوب السابقة».

ويضيف «كنا حريصين على سلامتهم بشكل كبير وحريصين على التغطية في الوقت نفسه، كنا دوما نقول للمراسل ان سلامته اهم من الصورة»، شارحا أن مراسلي المنار لم يكونوا على اتصال مع المقاتلين على الارض في نقل اخبار المعارك. يقول بلال ديب مسؤول البث الفضائي في المنار الذي كان من بين طاقم العمل في الحرب «أشعر انني انتمي الى هذه المؤسسة، أعطيها من قلبي، عند وقوع احداث مهمة، لا حاجة لاستدعاء العاملين لأنهم يأتون بأنفسهم». ويستنتج «انه جو عائلي ليس فيه رئيس ومرؤوس، احيانا اقصد التلفزيون وانا في اجازة».

يقول الشاب خريج كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية كعدد من العاملين في المحطة انه والفريق الذي رافق فترة البث خلال الحرب وتحمل ما تحمله من مخاطر في الانتقال بين مراكزها السرية «لم يكن يهمنا الخطر».

ولكن هل انتم مدربون لمواجهة خطر او قتال؟ نسألهم فيجيب عبد الساتر «لسنا مدربين، نحن اعلاميون، ولكن اذا حدث انزال اسرائيلي في مكان البث على سبيل المثال، وهذا احتمال ضئيل، بإمكاننا ان ندافع عن انفسنا».

يقول ديب في معرض شرحه لآلية العمل المعقدة التي كان عليهم ان يخضعوا لها «نحن انفسنا لم نكن نعرف مكان وجودنا، لا احد منا يملك الحلقة الكاملة» في آلية العمل.

ويروي «يوم عيد زواجي، خرجت من مقر البث لأتناول طعام الفطور مع زوجتي عندما عدت سألني الجميع اين كنت فأخبرتهم، فقالوا هل يعقل ان تفكر بعيد زواجك في هذه الظروف؟» مستنتجا «كانت اعصابنا هادئة».

ويشرح ان التواصل بين العاملين في مراكز البث الخاصة وبين عوائلهم لم ينقطع «لكنه لم يكن سهلا، كنا نخرج بين الفينة والأخرى لنزورهم».

ضمت مراكز البث الخاصة هذه في كل منها طواقم كاملة من مختلف الاختصاصات بحيث ان «البث لم يكن يغيب عن مركز الا لينطلق في الثانية نفسها من مركز آخر» كما يصف عبد الساتر، شارحا ان هذه الطواقم كانت غالبيتها العظمى من الرجال لصعوبة حركة النساء في ظروف بهذه الصعوبة.

مذيعة البرامج السياسية بتول ايوب كانت المرأة الوحيدة في مركز بث الأخبار بعدما تحولت بفعل الحاجة الى مذيعة للنشرات الاخبارية. وتروي المذيعة التي اقامت خلال تلك الفترة في احد فنادق بيروت انها كانت ترتدي عباءة خليجية لتفادي التعرف عليها، وكان زوجها يتولى نقلها الى مكان متفق عليه ينقلها منه «الشباب» الى مكان عملها حيث ترتدي لباسها المعتاد ثم تعود الى العباءة الخليجية بعد انتهاء مهامها. تروي بتول «كنت اسمع دوي الصواريخ وأنا اقدم النشرة وكان علي ان اطل على الشاشة مبتسمة من دون ان يظهر على وجهي أي انطباع، كنت ابتسم وأنا اشعر بالرعب في داخلي».

وتضيف انها كانت تودع عائلتها كلما غادرت صباحا لأنها قد لا تعود بعد ان التحقت بها عائلتها لتكون سندا معنويا لها. وتروي «كانت والدتي تسألني أين انت؟ فأجيبها انني في موقع آمن، وكانت ابنتي تقول لي كل يوم عندما اودعها انها فخورة بي وتوصيني بالسلام على السيد (نصر الله)».

تصف بتول ايوب المكان الذي عملت فيه كل يوم طوال فترة الحرب بأنه «مخيف» الا أنها تقول انها اعتادت ان تعزل نفسها عما يحيط بها للتركيز على اداء عملها.

تقول «في الطريق، كان الخوف شديدا لكنني كنت ادخل في الجو حالما اصبح داخل الجبهة، اصاب بالقلق للحظة ثم ادخل بالواجب، اريد ان انجز عملي بأقل قدر من الاخطاء».

غيرت هذه التجربة الكثير لدى مقدمة البرامج الشابة ذات التجربة المتواضعة والتي لم تكن معتادة على تقديم النشرات الاخبارية او العمل في ظروف بهذه القسوة. تقول «كان العنصر النسائي ضروريا لتطرية الاجواء، أي ان يرى المشاهد امرأة تقدم النشرة وتذكر انتصارات المقاومة وعلى وجهها ابتسامة».

تروي ايوب ان تجربة العمل في ظروف من هذا النوع كسرت الحواجز التقليدية «كنت اشعر انني في عائلة وان زملائي يتعاطون معي وكأنهم اخوتي، اعتدت ان أرى زملائي الشباب ومديري في ثياب النوم وكأننا في بيت».

لم يقتصر بث محطة المنار خلال الحرب على نشرات الاخبار وكلمات الامين العام للحزب وتلقي اتصالات المشاهدين بل شمل ايضا استضافة من وافق من الشخصيات السياسية او الفكرية او الاعلامية على مغامرة قصد استديوهات المحطة المموهة.

يقول زياد جعفر الذي تولى مهمة التنسيق مع الضيوف ونقلهم وبلغ عددهم خلال ايام الحرب 120 ضيفا «كنا نلتقي الضيف في مكان متفق عليه ثم ننقله في سيارة مغلقة على الخارج حتى لا يعرف وجهتنا وغالبا ما كنا نسلك طرقات فرعية ونحور وندور في مكاننا حتى يستعصي على الضيف معرفة وجهة نقله».

ويعتمد الحزب الالية نفسها في نقل الصحافيين للقاء شخصيات قيادية في الحزب اذ ينقل الصحافي اولا الى كاراج تحت الارض ثم ينقل في سيارة «فان» صغيرة مغطاة نوافذها بغطاء اسود محكم الى مكان اللقاء الذي يدخل اليه ايضا من كاراج تحت الارض مما يحول دون امكان تحديده.

يروي جعفر الذي كان يتولى بنفسه نقل الضيوف ان احدهم «اصيب بحالة فزع في طريقه الى الاستديو وكان الوقت ليلا والدنيا مظلمة، امسكت بيده فوجدتها متجمدة فقلت له: ماشي الحال استاذ؟ اجاب: طبعا، طبعا».

ويقول انه كان يتولى بمفرده عملية نقل الضيوف «لان كثرة الاشخاص تكشف الموضوع» اذ كان يتواعد على لقائهم في اماكن مختلفة وكان لهذه الرحلة نكهة خاصة يصفها بـ«الرهبة». انطلقت قناة المنار عام 1991 في ساعات بث محدودة تم رفعها تدريجيا مع امتداد رقعة البث وقد جمعت الى الارسال الارضي البث الفضائي عام 2000. لم تكن المحطة من بين خمس قنوات تلفزيونية منحتها الحكومة اللبنانية ترخيصا رسميا بموجب قانون الاعلام المرئي والمسموع الصادر في العام 1996 الا انها عادت وحصلت على ترخيص بوصفها «قناة المقاومة» في يوليو (تموز) 1997 الى جانب محطات ثلاث اخرى نجت من الاقفال.

تقدم المحطة نفسها على موقعها للانترنت على انها «تعتمد خطابا منفتحا وتوحيديا» وانها «تتبنى سياسة موضوعية هادفة الى بناء مستقبل افضل لأجيال العرب والمسلمين عبر التركيز على قيم التسامح في الاسلام والترويج لثقافة الحوار».

في ديسمبر 2004، حظر بث القناة في الولايات المتحدة بتهمة العلاقة بالارهاب. وفي العام نفسه، اتخذ المجلس الدستوري وهو اعلى هيئة قضائية ادارية في فرنسا قرارا بوقف بث المحطة في فرنسا بتهمة اذكاء المشاعر المعادية للسامية والتحريض على الكراهية، واعتبرت القناة ان القرار بحقها سياسي وغير قانوني. والى جانب منعها رسميا في إسبانيا، يواجه التقاط بث القناة صعوبات في كندا وأستراليا وأميركا الجنوبية وهولندا رغم انه لم يمنع رسميا.

تحولت المحطة الناطقة أساسا بلسان حال المقاومة في مرحلة الازمة السياسية ما بعد الحرب الى منبر للمعارضة بعدما باتت المروج الرئيسي للخطاب المناهض لحكومة فؤاد السنيورة والأطراف الموالية لها.

يقول محمد عفيف ان تحول المحطة الى منبر للمعارضة «اضر بالمنار لكنه لم يضر بمصداقية المحطة». ويشرح «طوال فترة الخلاف السياسي المحتدم في البلد، لم نذع خبرا واحدا غير صحيح، الا في حالة واحدة عدنا بعد ذلك وصححناه».

ويضيف «كنا حريصين على ان ننقل الخبر صحيحا، فنحن مثلا ننتقد الحريري (سعد الحريري زعيم كتلة المستقبل) ونذيع تصريحات لاذعة ضده لكننا لا نشوه الخبر الصادر عنه».

ويعتبر ان ما يحدث على الساحة الاعلامية اليوم في لبنان «امر مؤسف جدا» قائلا ان «وسائل الاعلام لم تخلق الازمة السياسية الا انها عكستها الى حد كبير» ومشددا في الوقت نفسه على «اننا تعاطينا مع الامر من منطلق ان الوحدة الوطنية مقدسة والمذهبية خط احمر وحاولنا جهدنا ان لا ننجرف في الصراع السياسي ولكن في بعض الاماكن».

يقول عفيف «مكان المنار ليس في الانقسام السياسي في البلد رغم انها تفتخر بكونها محطة المعارضة، صحيح اننا اعطينا دوما الخبر الصحيح الا ان المحطة استفزت قسما من الجمهور توقف للاسف عن متابعتها».

من هؤلاء الباحثة والكاتبة عايدة الجوهري التي تقول انها «لا تتحمل» متابعة بث المنار. وتقول في معرض تبريرها لموقفها «الرسالة التي تحملها المحطة هي ان الحرب مع اسرائيل لا نهاية لها وإننا لا نزال في نقطة الصفر فيها كما ان علينا كلبنانيين ان نتولى هذه المواجهة وحدنا».

وترى ان قناة المنار «تعكس حالة استنفار مستمرة فتضع المشاهد في اطار معركة ليكون المجند الدائم في صفوفها». من جانبه، يقول الصحافي والكاتب حازم الامين ان قناة المنار كانت «جزءا من الحرب نفسها» معتبرا ان «ما تقوله المحطة عن نفسها بافتخار ليس سوى خطأ مهني كبير». ويشرح «كيف يمكن ان أثق بوسيلة اعلامية لا اعرف من أين تبث ولا اعرف ما هي الشروط المهنية الخاضعة لها باستثناء خضوعها لشروط المعركة وهي معركة عسكرية وليست اعلامية». ويضيف «مقولة الصحافي المقاوم ليست امرا ايجابيا اذ ان مهمة الصحافي ان ينقل المعلومة فقط»، معتبرا ان شروط المعركة تحول دون امكان الموضوعية ودقة الخبر.

ويعتبر ان الاضافة الوحيدة التي قدمتها المحطة تمثلت ببث خطابات الامين العام للحزب في حين ان بيانات الحزب نفسه كانت توزع على مختلف وسائل الاعلام. ولعل المثال الابرز، في رأيه، تفرد محطة الجزيرة الفضائية ببث مشاهد من احد انفاق القتال في حين ان الحزب لم يختر بث هذه المشاهد الفريدة من نوعها عبر شاشته المعهودة.

جريدة الشرق الأوسط

منقول من موقع وعد

عدل سابقا من قبل سارة الموسوي في الثلاثاء يوليو 07, 2015 8:48 am عدل 1 مرات (السبب : #منتديات_المخرج #علي_العذاري)