كيفية تسبيحها سلام الله عليها
((أدعية السيدة الزهراء(ع)))
قد وقع الخلاف بين العلامة والخاصة في كيفية تسبيحها عليها السلام، ومنشاً هذا الإختلاف ناشئ من الأخبار المختلفة في الباب من كلا الفريقين على أن كلاهما يقول عند البدء به بالتكبير ووقوع الإختلاف إنما كان في تقديم التحميد على التسبيح أو العكس، واختلف أصحابنا والمخالفون في ذلك، مع اتفاقهم جميعاً على استحبابه. وإليك الأقوال المختلفة في الأخبار عند العامة ثم نقدم بعد ذلك أخبار وأقوال الخاصة من الشيعة الإمامية لكي يتضح لنا بعد ما هو الصحيح.
عن مسند فاطمة للسيوطي: عن ابن شهاب . سمعت أبا هريرة يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كلّ أمّتي معافى إلا الجاهرين، فان من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره ربّه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربّه فيبيت يستره ويكشف ستر الله عنه... وكان يأمر عند الرقاد، وخلف الصلاة بأربع وثلاثين تكبيرة، وثلاث وثلاثين تسبيحة وثلاث وثلاثين تحميدة، فتلك مائة و.. ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك لابنته فاطمة عليها السلام .
وعن الذريّة الطاهرة المطهرة: (بإسناده) عن أبي هريرة، عن فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنها انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسأله خادماً، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟ إذا أويت إلى فراشك فسبحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبّري أربعاً وثلاثين، فهو خير لك من ذلك، أرضيت يا بنيّة ! قالت: قدر رضيت .
وعن شرح السنّة: (بإسناده) عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة عليها السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسأله خادماً، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أدلّك ما هو خير من خادم؟ تسبّحين الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبّرين الله أربعاً وثلاثين عند كلّ صلاة، وعند منامك. (هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم بن اميّة بسطام، ولم يذكر الصلاة).
وعن مسند أحمد بن حنبل: (بإسناده) عن شهر، قال: سمعت أمّ سلمة تحدّث، زعمت أنّ فاطمة عليها السلام جاءت إلي نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم تشتكي إليه الخدمة: فقالت: يا رسول الله ! لقد مجلت يدي من الوحي، أطحن مرّة، وأعجن مرّة ؛ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن يرزقك الله شيئاً يأتك، وسأدلّك على خير من ذلك. إذا الزمت مضجعك فسبحي الله ثلاثاً وثلاثين، وكبّري ثلاثاً وثلاثين، واحمدي أربعاً وثلاثين، فذلك مائة، فهو خير لك من الخادم... .
أقول: يظهر من هذه الأخبار التي روتها العامة ان الإختلاف وقع بينهم في قضية تقديم التكبير على التسبيح وبالعكس فالخبر الأول يقدم التكبير والخبر الثاني يقدم التسبيح ومنه يظهر التعارض بين أخبارهم على أنه هناك الكثير من الأخبار التي تنقل لنا هذا الإختلاف فيما بينهم ولا يسعنا المقام لنقل أخبارهم كله فنكتفي بهذه.
وأما ما ورد عن الخاصة
فعن جامع الأحاديث: عن القاسم مولى معاوية: أنّه سمع عليّ بن أبي طالب عليه السلام فذكر أنّه أمر فاطمة عليها السلام تستخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، انّه قد شقّ عليّ الرحى ـ وأرته أثراً في يديها من أثر الرحى ـ فسألته أن يخدمها خادماً، فقال: أولا اعلمّك خيراً من ذلك ـ أو قال: خيراً من الدنيا وما فيها؟
إذا أويت إلى فاشك: فكبّري أربعاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحة، فذلك خير لك من الدنيا وما فيها .
وعن مشكاة الأنوار: قال: دخل رجل على أبي عبدالله عليه السلام وكلّمة فلم يسمع كلام أبي عبدالله عليه السلام وشكى إليه ثقلاً في أذنيه، فقال له: ما ينعك؟ وأين أنت من تسبيح فاطمة عليها السلام؟ قال: جعلت فداك، وما تسبيح فاطمة عليها السلام؟
فقال: تكبّر الله أربعاً وثلاثين، وتحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وتسبّح الله ثلاثاً وثلاثين تمام المائة.
قال: فما فعلت ذلك إلا يسيراً، حتّى أذهب عنّي ما كنت أجده.
وعن المحاسن: عن يحيى بن محمد ؛ وعمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، قال: دخلت مع أبي على أبي عبدالله عليه السلام فسأله أبي عن تسبيح فاطمة عليها السلام؟ فقال: الله أكبر حتّى أحصاها أربعة وثلاثين، ثم قال: الحمد الله حتى بلغ سبعاً وستّين، ثم قال: سبحان الله حتى بلغ مائة، يحصيها بيده جملة واحدة. أقول: هذه الأخبار ظاهرة في تقديم التكبير أولاً ثم يعقبها بالتحميد وبعد ذلك التسبيح.. أما الطائفة من الأخبار التي رواها أصحابنا فهي ظاهرة في أن التسبيح مقدم على التحميد وإليك بعضها: عن فقه الرضا عليه السلام قال: إذا فرغت من صلاتك فارفع يديك ـ وأنت جالس ـ فكبّر ثلاثاً وقل: لا إله إلا الله وحده وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، وأعزّ جنده وحده، فله الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وييت ويحيي، بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير.
وتسبّح بتسبيح فاطمة عليها السلام: وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة ؛ ثمّ قل: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، ولك السلام، وإليك يعود السلام، سبحان ربّك ربّ العزّة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين. وتقول: السلام عليك أيّها النبّي ورحمة الله وبركاته، السلام على الأئمة الراشدين المهديّين من آل طه ويس....
وعن الإحتجاج: وسأل عن تسبيح فاطمة عليها السلام، من سهى فجاز التكبير أكثر من أربع وثلاثين، هل يرجع إلى أربع وثلاثين أو يستأنف؟ وإذا سبّح تما سبعة وستين هل يرجع إلى ستّة وستّين أو يستأنف، وماالذي يجب في ذلك؟ فأجاب عليه السلام: إذا سهى في التكبير حتّى تجاوز أربعاً وثلاثين، عاد إلى ثلاث وثلاثين، ويبني عليها، واذا سهى في التسبيح فتجاوز سبعاً وستّين تسبيحة عاد إلى ستّ وستّين، وبنى عليها، فإذا جاوز التحميد فلا شيء عليه.
وعن التهذيب: عليّ بن حاتم، عن محمد بن جعفر بن أحمد بن بطّة القمّي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمد بن سنان، وأبو محمد هارون بن موسى، قال: حدّثنا محمد بن علي بن معمّر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد عليه السلام ـ في حديث نافلة شهر رمضان ـ قال: سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام، وهو "الله أكبر" أربعاً وثلاثين مرّة، و "سبحان الله" ثلاثاً وثلاثين مرّة، و"الحمد لله" ثلاثاً وثلاثين مرّة ؛ ـ فوالله ـ لو كان شيء أفضل منه لعلّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياها.
اقول: يظهر من هذه الأخبار اختلافها عن المتقدمة من جهة الحيثية التي استظهرناها، ومن هنا كان لابد لنا من معالجة الأخبار لكي نخرج هذا الاختلاف عن ظاهرة وتوجيهه التوجيه الصحيح بحيث لا يبقى أي اختلاف وتعارض قال في المختلف: المشهور تقديم التكبير، ثم التحميد، ثم التسبيح ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط والمفيد في المقنعة وسلار وابن الصلاح وابن ادريس. وقال علي بن بابويه، يسبح تسبيح الزهراء، وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وهو يشعر بتقديم التسبيح على التحميد وكذا قال ابنه أبو جعفر وابن جنيد، والشيخ في الاقتصاد واحتجوا برواية فاطمة عليها السلام.
والجواب: انه ليس فيها تصريح بتقديم التسبيح، اقصى ما في الباب ان قدمه في الذكر، وذلك لا يدل على الترتيب، والعطف بالواو لا يدل عليه، انتهى. وقال الشيخ البهائي رحمة الله في مفتاح الفلاح: أعلم ان المشهور استحباب تسبيح الزهراء عليها السلام في وقتين: أحدهما بعد الصلاة، والآخر عند النوم، وظاهر الرواية الواردة في تسبيح الزهراء عليها السلام على الاطلاق يقتضي تاخيره عنه. والمشهور الذي عليه العلماء في التعقيبات: تقديم التحميد على التسبيح، وظاهر الروايات المعتبرة الصحيحة ذلك وهي شاملة بأطلاقها لما يفعل بعد الصلاة وما يفعل عند النوم، وما احتج به بعضهم في كون تقديم التسبيح على التحميد انما يكون عند النوم مردود بكون الرواية التي استدلوها بها غير صريحة في تقديم التسبيح على التحميد فان الواو لا تفيد الترتيب وانما هي لمطلق الجمع على الاصح كما مبين في محله من الاصول، إلاّ اللهم ان يقال ان ظاهر اللفظ يقتضي ذلك.
على انه لم يوجد قائلا بالفرق بين التسبيح عند النوم وبعد الصلاة بل يظهر من خلال تتبع اقوال الفريقين القائلين بتقديم التحميد بتقديم التحميد على التسبيح مطلقا سواء وقع بعد الصلاة كتعقيب او قبل النوم وهذا هو الصحيح، واما من ذهب بالتفصيل فقوله احداث لقول اخر في مقابل الاجماع الذي عليه الشيعة وهو مخالف كما ترى.
* الأسرار الفاطمية _ 292_265.
((أدعية السيدة الزهراء(ع)))
قد وقع الخلاف بين العلامة والخاصة في كيفية تسبيحها عليها السلام، ومنشاً هذا الإختلاف ناشئ من الأخبار المختلفة في الباب من كلا الفريقين على أن كلاهما يقول عند البدء به بالتكبير ووقوع الإختلاف إنما كان في تقديم التحميد على التسبيح أو العكس، واختلف أصحابنا والمخالفون في ذلك، مع اتفاقهم جميعاً على استحبابه. وإليك الأقوال المختلفة في الأخبار عند العامة ثم نقدم بعد ذلك أخبار وأقوال الخاصة من الشيعة الإمامية لكي يتضح لنا بعد ما هو الصحيح.
عن مسند فاطمة للسيوطي: عن ابن شهاب . سمعت أبا هريرة يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كلّ أمّتي معافى إلا الجاهرين، فان من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره ربّه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربّه فيبيت يستره ويكشف ستر الله عنه... وكان يأمر عند الرقاد، وخلف الصلاة بأربع وثلاثين تكبيرة، وثلاث وثلاثين تسبيحة وثلاث وثلاثين تحميدة، فتلك مائة و.. ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك لابنته فاطمة عليها السلام .
وعن الذريّة الطاهرة المطهرة: (بإسناده) عن أبي هريرة، عن فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنها انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسأله خادماً، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟ إذا أويت إلى فراشك فسبحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبّري أربعاً وثلاثين، فهو خير لك من ذلك، أرضيت يا بنيّة ! قالت: قدر رضيت .
وعن شرح السنّة: (بإسناده) عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة عليها السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسأله خادماً، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أدلّك ما هو خير من خادم؟ تسبّحين الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبّرين الله أربعاً وثلاثين عند كلّ صلاة، وعند منامك. (هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم بن اميّة بسطام، ولم يذكر الصلاة).
وعن مسند أحمد بن حنبل: (بإسناده) عن شهر، قال: سمعت أمّ سلمة تحدّث، زعمت أنّ فاطمة عليها السلام جاءت إلي نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم تشتكي إليه الخدمة: فقالت: يا رسول الله ! لقد مجلت يدي من الوحي، أطحن مرّة، وأعجن مرّة ؛ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن يرزقك الله شيئاً يأتك، وسأدلّك على خير من ذلك. إذا الزمت مضجعك فسبحي الله ثلاثاً وثلاثين، وكبّري ثلاثاً وثلاثين، واحمدي أربعاً وثلاثين، فذلك مائة، فهو خير لك من الخادم... .
أقول: يظهر من هذه الأخبار التي روتها العامة ان الإختلاف وقع بينهم في قضية تقديم التكبير على التسبيح وبالعكس فالخبر الأول يقدم التكبير والخبر الثاني يقدم التسبيح ومنه يظهر التعارض بين أخبارهم على أنه هناك الكثير من الأخبار التي تنقل لنا هذا الإختلاف فيما بينهم ولا يسعنا المقام لنقل أخبارهم كله فنكتفي بهذه.
وأما ما ورد عن الخاصة
فعن جامع الأحاديث: عن القاسم مولى معاوية: أنّه سمع عليّ بن أبي طالب عليه السلام فذكر أنّه أمر فاطمة عليها السلام تستخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، انّه قد شقّ عليّ الرحى ـ وأرته أثراً في يديها من أثر الرحى ـ فسألته أن يخدمها خادماً، فقال: أولا اعلمّك خيراً من ذلك ـ أو قال: خيراً من الدنيا وما فيها؟
إذا أويت إلى فاشك: فكبّري أربعاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحة، فذلك خير لك من الدنيا وما فيها .
وعن مشكاة الأنوار: قال: دخل رجل على أبي عبدالله عليه السلام وكلّمة فلم يسمع كلام أبي عبدالله عليه السلام وشكى إليه ثقلاً في أذنيه، فقال له: ما ينعك؟ وأين أنت من تسبيح فاطمة عليها السلام؟ قال: جعلت فداك، وما تسبيح فاطمة عليها السلام؟
فقال: تكبّر الله أربعاً وثلاثين، وتحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وتسبّح الله ثلاثاً وثلاثين تمام المائة.
قال: فما فعلت ذلك إلا يسيراً، حتّى أذهب عنّي ما كنت أجده.
وعن المحاسن: عن يحيى بن محمد ؛ وعمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، قال: دخلت مع أبي على أبي عبدالله عليه السلام فسأله أبي عن تسبيح فاطمة عليها السلام؟ فقال: الله أكبر حتّى أحصاها أربعة وثلاثين، ثم قال: الحمد الله حتى بلغ سبعاً وستّين، ثم قال: سبحان الله حتى بلغ مائة، يحصيها بيده جملة واحدة. أقول: هذه الأخبار ظاهرة في تقديم التكبير أولاً ثم يعقبها بالتحميد وبعد ذلك التسبيح.. أما الطائفة من الأخبار التي رواها أصحابنا فهي ظاهرة في أن التسبيح مقدم على التحميد وإليك بعضها: عن فقه الرضا عليه السلام قال: إذا فرغت من صلاتك فارفع يديك ـ وأنت جالس ـ فكبّر ثلاثاً وقل: لا إله إلا الله وحده وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، وأعزّ جنده وحده، فله الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وييت ويحيي، بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير.
وتسبّح بتسبيح فاطمة عليها السلام: وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة ؛ ثمّ قل: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، ولك السلام، وإليك يعود السلام، سبحان ربّك ربّ العزّة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين. وتقول: السلام عليك أيّها النبّي ورحمة الله وبركاته، السلام على الأئمة الراشدين المهديّين من آل طه ويس....
وعن الإحتجاج: وسأل عن تسبيح فاطمة عليها السلام، من سهى فجاز التكبير أكثر من أربع وثلاثين، هل يرجع إلى أربع وثلاثين أو يستأنف؟ وإذا سبّح تما سبعة وستين هل يرجع إلى ستّة وستّين أو يستأنف، وماالذي يجب في ذلك؟ فأجاب عليه السلام: إذا سهى في التكبير حتّى تجاوز أربعاً وثلاثين، عاد إلى ثلاث وثلاثين، ويبني عليها، واذا سهى في التسبيح فتجاوز سبعاً وستّين تسبيحة عاد إلى ستّ وستّين، وبنى عليها، فإذا جاوز التحميد فلا شيء عليه.
وعن التهذيب: عليّ بن حاتم، عن محمد بن جعفر بن أحمد بن بطّة القمّي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمد بن سنان، وأبو محمد هارون بن موسى، قال: حدّثنا محمد بن علي بن معمّر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد عليه السلام ـ في حديث نافلة شهر رمضان ـ قال: سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام، وهو "الله أكبر" أربعاً وثلاثين مرّة، و "سبحان الله" ثلاثاً وثلاثين مرّة، و"الحمد لله" ثلاثاً وثلاثين مرّة ؛ ـ فوالله ـ لو كان شيء أفضل منه لعلّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياها.
اقول: يظهر من هذه الأخبار اختلافها عن المتقدمة من جهة الحيثية التي استظهرناها، ومن هنا كان لابد لنا من معالجة الأخبار لكي نخرج هذا الاختلاف عن ظاهرة وتوجيهه التوجيه الصحيح بحيث لا يبقى أي اختلاف وتعارض قال في المختلف: المشهور تقديم التكبير، ثم التحميد، ثم التسبيح ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط والمفيد في المقنعة وسلار وابن الصلاح وابن ادريس. وقال علي بن بابويه، يسبح تسبيح الزهراء، وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وهو يشعر بتقديم التسبيح على التحميد وكذا قال ابنه أبو جعفر وابن جنيد، والشيخ في الاقتصاد واحتجوا برواية فاطمة عليها السلام.
والجواب: انه ليس فيها تصريح بتقديم التسبيح، اقصى ما في الباب ان قدمه في الذكر، وذلك لا يدل على الترتيب، والعطف بالواو لا يدل عليه، انتهى. وقال الشيخ البهائي رحمة الله في مفتاح الفلاح: أعلم ان المشهور استحباب تسبيح الزهراء عليها السلام في وقتين: أحدهما بعد الصلاة، والآخر عند النوم، وظاهر الرواية الواردة في تسبيح الزهراء عليها السلام على الاطلاق يقتضي تاخيره عنه. والمشهور الذي عليه العلماء في التعقيبات: تقديم التحميد على التسبيح، وظاهر الروايات المعتبرة الصحيحة ذلك وهي شاملة بأطلاقها لما يفعل بعد الصلاة وما يفعل عند النوم، وما احتج به بعضهم في كون تقديم التسبيح على التحميد انما يكون عند النوم مردود بكون الرواية التي استدلوها بها غير صريحة في تقديم التسبيح على التحميد فان الواو لا تفيد الترتيب وانما هي لمطلق الجمع على الاصح كما مبين في محله من الاصول، إلاّ اللهم ان يقال ان ظاهر اللفظ يقتضي ذلك.
على انه لم يوجد قائلا بالفرق بين التسبيح عند النوم وبعد الصلاة بل يظهر من خلال تتبع اقوال الفريقين القائلين بتقديم التحميد بتقديم التحميد على التسبيح مطلقا سواء وقع بعد الصلاة كتعقيب او قبل النوم وهذا هو الصحيح، واما من ذهب بالتفصيل فقوله احداث لقول اخر في مقابل الاجماع الذي عليه الشيعة وهو مخالف كما ترى.
* الأسرار الفاطمية _ 292_265.