رأس المال البشري
..
ياسر المتولي
يقاس رقي الامم بماتحققه اي منها من انجازات علمية تضيف للحضارة الانسانية ديمومة وحيوية، وهذا المعيار النسبي ينطوي على حقيقة ان تطور البلدان يستند على حجم القدرات البشرية الصانعة له .
لذلك نجد الدول المتطورة ومعها الراغبة بالصعود تولي رأس المال البشري اهتماما استثنائيا كونه هو محور الانجازات التي تخدم البشرية، وواحدة من اهم متطلبات الاهتمام به الدورات التدريبية المستمرة والمواكبة للتطورات والمتغيرات التي تحدث في عالم التكنولوجيا .
تجارب الدول التي استطاعت النفاذ الى مستوى التطور العالمي في البلدان المتقدمة تحكي لنا قصص النجاحات التي حققتها مستندة بذلك على العقل البشري الذي يجعل التكنولوجيا طيعة لخدمة العالم، لذلك فالتكنولوجيا التي تستعيض عن القوى العاملة انما هي من صنع العقول: “رأس المال البشري “ .ولعل برامج الاعداد والتدريب محليا ودوليا هي الوسيلة المفضلة والمتبعة لدى تلك الدول، فهل وصل العراق الى مستوى التفكير بتطوير رأس المال البشري؟.
المطلع على حجم التوسع الافقي في عدد الجامعات العراقية وحجم مخرجاتها في مختلف الاختصاصات اول ما يتصوره هو ان هناك اهتماماً برأس المال البشري وهو كذلك، لكن مافائدة هذا الكم الهائل من الخريجين في وقت لم تستثمر فيه عقولهم في بناء البلد؟.
لسنا هنا في مجال معالجة البطالة رغم انه موضوع ضمني لكن الحاجة تقتضي الافادة من هؤلاء في بناء وديمومة التنمية، ومن جانب آخر كم من الايفادات تنظمها دوائر الدولة لمن حظي بفرصة عمل الى بلدان غنية في التجارب دونما فائدة ترتجى؟! مرد ذلك يعود الى انهماك الموفدين بالنزهة على حساب الهدف!، فكم من الفرص ضاعت بهذه الطريقة ؟!.
بنا حاجة حقيقية الى مراجعة فوضى الايفادات ومتابعة نتائج الدورات التي ارسلوا اليها من أرسلوا، ومن ثم اعادة خطط بناء الانسان بهدف اللحاق بالركب المتطور في العالم والاستفادة من هذه العقول.لانغالي اذا قلنا ان العقل العراقي الثاقب يقود الان كبريات الشركات وينفذ اعظم المشاريع في دول الجوار والعالم، لكن البلد محروم من كفاءة ابنائه لعدم توفر البيئة الجاذبة لهم ، ازاء هذا الواقع، ما المطلوب فعله لاعادة صياغة العقل العراقي داخليا واستثماره بما يمتلكه من قدرات غنية لكنها معطلة ؟.
أمان وطموحات مؤجلة لحين انجلاء الغمة التي تحيط بالبلد، لكنها مدعاة للمضي في مجال تماشي مسيرة الاعداد والاستثمار لرأس المال البشري بموازاة الدفاع عن البلد استعدادا لاعادة بنائه
