رحمة
المفتاح القرآني الثالث للسعادة الزوجية هو كلمة "رحمة" الواردة في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...﴾1. وقد ذكر اللغويون أنَّ معنى الرحمة هو "الرقَّة والتعطف" فيقال رحمهُ إذا رقَّ له وتعطَّف عليه2.
والذي يظهر من معنى الرحمة أنَّها لا تتحقق بمجرَّد رقّة القلب حينما تُنسب الرحمة إلى الإنسان، بل لا بدَّ أن يظهر ذلك في سلوكه وعمله، فحال الرحمة من الرقَّة حال المودَّة من الحبّ، فكما أنَّ المودَّة هي الحب المتجلِّي في التعبير أوالمسلك، كذلك الرحمة هي المتجلّية في سلوك الإنسان نحو الآخر.
ولعلَّه إلى هذا المعنى يشير الطريحي في مجمع البحرين بقوله: "...الرحمة وهي في بني آدم عند العرب: رقَّة القلب ثم عطفه، وفي الله عطفه وبرّه ورزقه وإحسانه"3.
سرُّ العطف بين المودَّة والرحمة
إنَّ ما تقدَّم يصلح مدخلاً لمعرفة السرّ في عطف الرحمة على المودَّة. فالمودَّة هي ما يتجلى في سلوك الإنسان معبِّراً عن حبٍّ نشأ من كمالٍ يعتقده المحبُّ في حبيبه.
أمَّا الرحمة فهي ما يتجلى في سلوك الإنسان معبِّراً عن رقَّة نشأت من ضعفٍ ونقص يراه في من يرحمه. ففي علاقة الزوج بزوجته وبالعكس قد يرى كلٌّ منهما في الآخر، جهة كمال تجذبه إليه، وتنشئ الحبّ له، وتفعِّل المودَّة بينهما.
لكنّ الكمال ليس هو الوجهة الوحيدة التي يراها الزوج في زوجته وبالعكس، فالإنسان لا يخلو من جهة ثانية هي جهة نقص وضعف يرقُّ بسببهما القلب، ويُستدرُّ بها العطف. والآية تشير إلى أنَّ على الزوجين حينما يلاحظ كل منهما جهة الضعف في الآخر أن لا يكون سلبي، بل أن يفعِّل الرقَّة القلبية ليجلّيها من خلال الرحمة.
والخلاصة أنَّ الآية الكريمة ترشد إلى مسألة واقعية بين الزوجين هي أنَّ في كلٍّ منهما جهة كمال وجهة نقص، وعلى كل منهما أن يقابل جهة الكمال بالمودَّة، وجهة النقص بالرحمة0
الرحمة بين الله تعالى والإنسان
إنَّ الرحمة من القيم التي أكَّد عليها الله تعالى، بدءاً من إثباتها لنفسه بقوله عزَّ وجل: ﴿قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ...﴾4، وقوله سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾5، استمراراً في بيان سعة رحمته بقوله تعالى: ﴿رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾6، وقوله عزَّ وجل: ﴿...فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾7، وقوله سبحانه: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً﴾8، وصولاً إلى طلبه من الإنسان أن يرحم الناس غير المحاربين لله بقوله تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾9 وقوله عزَّ وجل: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾10. وقد أكدَّ الإمام علي عليه السلام على ربط رحمة الله للإنسان برحمة الإنسان للإنسان، فعنه عليه السلام: "ببذل الرحمة تستنزل الرحمة"11.
المفتاح القرآني الثالث للسعادة الزوجية هو كلمة "رحمة" الواردة في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...﴾1. وقد ذكر اللغويون أنَّ معنى الرحمة هو "الرقَّة والتعطف" فيقال رحمهُ إذا رقَّ له وتعطَّف عليه2.
والذي يظهر من معنى الرحمة أنَّها لا تتحقق بمجرَّد رقّة القلب حينما تُنسب الرحمة إلى الإنسان، بل لا بدَّ أن يظهر ذلك في سلوكه وعمله، فحال الرحمة من الرقَّة حال المودَّة من الحبّ، فكما أنَّ المودَّة هي الحب المتجلِّي في التعبير أوالمسلك، كذلك الرحمة هي المتجلّية في سلوك الإنسان نحو الآخر.
ولعلَّه إلى هذا المعنى يشير الطريحي في مجمع البحرين بقوله: "...الرحمة وهي في بني آدم عند العرب: رقَّة القلب ثم عطفه، وفي الله عطفه وبرّه ورزقه وإحسانه"3.
سرُّ العطف بين المودَّة والرحمة
إنَّ ما تقدَّم يصلح مدخلاً لمعرفة السرّ في عطف الرحمة على المودَّة. فالمودَّة هي ما يتجلى في سلوك الإنسان معبِّراً عن حبٍّ نشأ من كمالٍ يعتقده المحبُّ في حبيبه.
أمَّا الرحمة فهي ما يتجلى في سلوك الإنسان معبِّراً عن رقَّة نشأت من ضعفٍ ونقص يراه في من يرحمه. ففي علاقة الزوج بزوجته وبالعكس قد يرى كلٌّ منهما في الآخر، جهة كمال تجذبه إليه، وتنشئ الحبّ له، وتفعِّل المودَّة بينهما.
لكنّ الكمال ليس هو الوجهة الوحيدة التي يراها الزوج في زوجته وبالعكس، فالإنسان لا يخلو من جهة ثانية هي جهة نقص وضعف يرقُّ بسببهما القلب، ويُستدرُّ بها العطف. والآية تشير إلى أنَّ على الزوجين حينما يلاحظ كل منهما جهة الضعف في الآخر أن لا يكون سلبي، بل أن يفعِّل الرقَّة القلبية ليجلّيها من خلال الرحمة.
والخلاصة أنَّ الآية الكريمة ترشد إلى مسألة واقعية بين الزوجين هي أنَّ في كلٍّ منهما جهة كمال وجهة نقص، وعلى كل منهما أن يقابل جهة الكمال بالمودَّة، وجهة النقص بالرحمة0
الرحمة بين الله تعالى والإنسان
إنَّ الرحمة من القيم التي أكَّد عليها الله تعالى، بدءاً من إثباتها لنفسه بقوله عزَّ وجل: ﴿قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ...﴾4، وقوله سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾5، استمراراً في بيان سعة رحمته بقوله تعالى: ﴿رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾6، وقوله عزَّ وجل: ﴿...فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾7، وقوله سبحانه: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً﴾8، وصولاً إلى طلبه من الإنسان أن يرحم الناس غير المحاربين لله بقوله تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾9 وقوله عزَّ وجل: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾10. وقد أكدَّ الإمام علي عليه السلام على ربط رحمة الله للإنسان برحمة الإنسان للإنسان، فعنه عليه السلام: "ببذل الرحمة تستنزل الرحمة"11.