حق النفقة
التحديد الشرعي للنفقة
لم يقدِّر الشرع الحنيف حدوداً دقيقة للنفقة الواجبة على الزوج تجاه زوجته, بل جعل مرجعية تحديد ذلك إلى ما تحتاجه المرأة من طعام وشراب ولباس وفراش وسكن وتجهيزات بيتية, وقد لاحظ الفقهاء في حق النفقة الإلزامي ما هو متناسب مع أمثال الزوجة في بلدها وبيئتها من نوعية السكن والثياب والفراش, بل اللافت قول الإمام الخميني{ في تحرير الوسيلة: "وأما الإخدام, فإنما يجب إن كانت ذات حشمة وشأن من ذوي الإخدام, وإلا خدمت نفسها, وإذا وجبت الخدمة, فإن كانت من ذوات الحشمة, بحيث يتعارف من مثلها أن يكون لها خادم مخصوص لا بد من اختصاصها به".
وعلى كل حال فالعرف هو مرجعية تحديد النفقة.
لماذا وجبت النفقة على الرجل؟
حتى يسعد الزوجان في حياتهما في أجواء أسرة متماسكة مطمئنة لا بدَّ من توزيع المهامّ الزوجية بينهما بشكل يتلاءم مع طبيعة كلٍّ منهما على الصعيدين الجسدي والنفسي, لذا لا بُدَّ من ملاحظة أنَّ الزوجة تمتاز من زوجها بعدة نقاط أهمها:
1- البنية الجسدية: فقد منح الله تعالى المرأة خصوصيات في بنيتها الجسدية تختلف بها عن بنية الرجل لأسباب عديدة منها: أنّها هي المؤهَّلة للحمل أشهراً عديدة, وهذا ما قد يعيق حركتها, ويبعدها عن الأعمال الشاقَّة, بخلاف الرجل في ذلك.
2- العاطفة: فقد غرس الله تعالى فيها عاطفة غير موجودة في نوع الرجال, ولعل الغاية الأساسية من الغرس الرباني هذا هي استمرار الجنس البشري؛ إذ لولا عاطفة المرأة لما سعت للحمل والتربية في عذاب لا تقرأ فيه الألف المتوسطة بين الذال والباء, فتراه عذباً بمنظار عاطفتها التي هي بحاجة ضرورية للأولاد, لا تقل عن الحاجة إلى الطعام والشراب, وبدونها قد يتعرض الولد لنكسات تظهر في مستقبل حياته.
إنَّ ملاحظة هذين الأمرين ترجِّح الأم على الأب في موقع الاهتمام بالعناية بالأولاد، وتُحمِّل الأب مسؤولية العمل خارج المنزل عند الحاجة لتأمين أمور المعيشة.
وفي هذا السياق ورد عن الإمام الباقر عليه السلام بأنّ رسول الله صلى الله عليه واله وزَّع الأدوار بين الإمام علي عليه السلام والسيدة الزهراء عليها السلام فـ"قضى على فاطمة عليه السلام بخدمة ما دون الباب, وقضى على علي عليه السلام بما خلفه".
إضافة إلى ذلك, فإنّ تربية الأولاد بحاجة إلى تركيز الاتجاه من قبل المعني بالتربية, إذ هي متعلقة بصناعة الإنسان, وعليه فإنّ تفرَّق اللبّ والتركيز في المسؤولية المهمة, يؤثِّر بشكل سلبي على موضوع التربية.
من هنا قد يُقال من باب الأصل والمبدأ: إنَّ كل عمل, أو نشاط أو علاقة يؤثِّر في موضوع تربية المرأة لأولادها ينبغي أن يُترك لصالح مهمة التربية.
إلا أنّ هذا لا يعني أنّ أمر التربية محصور بالأم, ويقتصر الأب على كونه "بنكاً" اقتصادياً, إذ المطلوب من الأب أن يشارك الأم هذه التربية سواء:
1 - بالإمداد العاطفي كما حثّ الإسلام على ذلك مخبراً عن ثواب قبلة العاطفة للولد, فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله "من قبّل ولده كتب الله له حسنة".
2 - أو باللعب معه في السنِّ التي يحتاج فيها الطفل إلى اللعب, فـعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله "من كان عنده صبي, فليتصاب له".
3- أو بتأديبه, فـ "لئن يؤدِّب الرجل ولده خير له من أن يتصدَّق كل يوم بنصف صاع".
4- أو بتعليمه المدرسي, فـ "من حق الولد على والده ثلاثة, يحسِّن اسمه, ويعلِّمه الكتابة ويزوِّجه إذا بلغ".
5- أو بتحصينه العقائدي, تلبية لدعوة الإمام الصادق عليه السلام: "بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليه المرجئة".
6- أو بتغذيته الفقهية, حتى لا يصيبه الويل الذي حذَّر منه رسول الله صلى الله عليه واله الآباء الذين لا يعلِّمون أولادهم شيئاً من الفرائض, فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه واله أنه نظر إلى بعض الأطفال فقال: "ويل لأطفال آخر الزمان من آبائهم! فقيل: يا رسول الله مِنْ آبائهم المشركين؟ فقال صلى الله عليه واله: لا من آبائهم المؤمنين, لا يعلِّمونهم شيئاً من الفرائض, وإذا تعلموا منعوهم, ورضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا, فأنا منهم بريء وهم مني براء".
7 - أو بتعليمه الصلاة, تلبية لأمر أمير المؤمنين عليه السلام: "علموا صبيانكم الصلاة, وخذوهم بها إذا بلغوا ثماني سنين"
8 - أو بتدريبه على السباحة والرماية عملاً, بتوصية الرسول الأكرم صلى الله عليه واله: "علموا أولادكم السباحة والرماية" أو غير ذلك من مواكبة الأب لأولاده.
ولكن مع ذلك كله يبقى الدور الأبرز في التنشئة السلمية هو للأم, من هنا أراد الله تعالى أن يكون اتجاهها مركِّزاً على البيت والأولاد أكثر من الأب.
التحديد الشرعي للنفقة
لم يقدِّر الشرع الحنيف حدوداً دقيقة للنفقة الواجبة على الزوج تجاه زوجته, بل جعل مرجعية تحديد ذلك إلى ما تحتاجه المرأة من طعام وشراب ولباس وفراش وسكن وتجهيزات بيتية, وقد لاحظ الفقهاء في حق النفقة الإلزامي ما هو متناسب مع أمثال الزوجة في بلدها وبيئتها من نوعية السكن والثياب والفراش, بل اللافت قول الإمام الخميني{ في تحرير الوسيلة: "وأما الإخدام, فإنما يجب إن كانت ذات حشمة وشأن من ذوي الإخدام, وإلا خدمت نفسها, وإذا وجبت الخدمة, فإن كانت من ذوات الحشمة, بحيث يتعارف من مثلها أن يكون لها خادم مخصوص لا بد من اختصاصها به".
وعلى كل حال فالعرف هو مرجعية تحديد النفقة.
لماذا وجبت النفقة على الرجل؟
حتى يسعد الزوجان في حياتهما في أجواء أسرة متماسكة مطمئنة لا بدَّ من توزيع المهامّ الزوجية بينهما بشكل يتلاءم مع طبيعة كلٍّ منهما على الصعيدين الجسدي والنفسي, لذا لا بُدَّ من ملاحظة أنَّ الزوجة تمتاز من زوجها بعدة نقاط أهمها:
1- البنية الجسدية: فقد منح الله تعالى المرأة خصوصيات في بنيتها الجسدية تختلف بها عن بنية الرجل لأسباب عديدة منها: أنّها هي المؤهَّلة للحمل أشهراً عديدة, وهذا ما قد يعيق حركتها, ويبعدها عن الأعمال الشاقَّة, بخلاف الرجل في ذلك.
2- العاطفة: فقد غرس الله تعالى فيها عاطفة غير موجودة في نوع الرجال, ولعل الغاية الأساسية من الغرس الرباني هذا هي استمرار الجنس البشري؛ إذ لولا عاطفة المرأة لما سعت للحمل والتربية في عذاب لا تقرأ فيه الألف المتوسطة بين الذال والباء, فتراه عذباً بمنظار عاطفتها التي هي بحاجة ضرورية للأولاد, لا تقل عن الحاجة إلى الطعام والشراب, وبدونها قد يتعرض الولد لنكسات تظهر في مستقبل حياته.
إنَّ ملاحظة هذين الأمرين ترجِّح الأم على الأب في موقع الاهتمام بالعناية بالأولاد، وتُحمِّل الأب مسؤولية العمل خارج المنزل عند الحاجة لتأمين أمور المعيشة.
وفي هذا السياق ورد عن الإمام الباقر عليه السلام بأنّ رسول الله صلى الله عليه واله وزَّع الأدوار بين الإمام علي عليه السلام والسيدة الزهراء عليها السلام فـ"قضى على فاطمة عليه السلام بخدمة ما دون الباب, وقضى على علي عليه السلام بما خلفه".
إضافة إلى ذلك, فإنّ تربية الأولاد بحاجة إلى تركيز الاتجاه من قبل المعني بالتربية, إذ هي متعلقة بصناعة الإنسان, وعليه فإنّ تفرَّق اللبّ والتركيز في المسؤولية المهمة, يؤثِّر بشكل سلبي على موضوع التربية.
من هنا قد يُقال من باب الأصل والمبدأ: إنَّ كل عمل, أو نشاط أو علاقة يؤثِّر في موضوع تربية المرأة لأولادها ينبغي أن يُترك لصالح مهمة التربية.
إلا أنّ هذا لا يعني أنّ أمر التربية محصور بالأم, ويقتصر الأب على كونه "بنكاً" اقتصادياً, إذ المطلوب من الأب أن يشارك الأم هذه التربية سواء:
1 - بالإمداد العاطفي كما حثّ الإسلام على ذلك مخبراً عن ثواب قبلة العاطفة للولد, فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله "من قبّل ولده كتب الله له حسنة".
2 - أو باللعب معه في السنِّ التي يحتاج فيها الطفل إلى اللعب, فـعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله "من كان عنده صبي, فليتصاب له".
3- أو بتأديبه, فـ "لئن يؤدِّب الرجل ولده خير له من أن يتصدَّق كل يوم بنصف صاع".
4- أو بتعليمه المدرسي, فـ "من حق الولد على والده ثلاثة, يحسِّن اسمه, ويعلِّمه الكتابة ويزوِّجه إذا بلغ".
5- أو بتحصينه العقائدي, تلبية لدعوة الإمام الصادق عليه السلام: "بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليه المرجئة".
6- أو بتغذيته الفقهية, حتى لا يصيبه الويل الذي حذَّر منه رسول الله صلى الله عليه واله الآباء الذين لا يعلِّمون أولادهم شيئاً من الفرائض, فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه واله أنه نظر إلى بعض الأطفال فقال: "ويل لأطفال آخر الزمان من آبائهم! فقيل: يا رسول الله مِنْ آبائهم المشركين؟ فقال صلى الله عليه واله: لا من آبائهم المؤمنين, لا يعلِّمونهم شيئاً من الفرائض, وإذا تعلموا منعوهم, ورضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا, فأنا منهم بريء وهم مني براء".
7 - أو بتعليمه الصلاة, تلبية لأمر أمير المؤمنين عليه السلام: "علموا صبيانكم الصلاة, وخذوهم بها إذا بلغوا ثماني سنين"
8 - أو بتدريبه على السباحة والرماية عملاً, بتوصية الرسول الأكرم صلى الله عليه واله: "علموا أولادكم السباحة والرماية" أو غير ذلك من مواكبة الأب لأولاده.
ولكن مع ذلك كله يبقى الدور الأبرز في التنشئة السلمية هو للأم, من هنا أراد الله تعالى أن يكون اتجاهها مركِّزاً على البيت والأولاد أكثر من الأب.