حقوق المرأة
التفاوت بين الرجل والمرأة
عندما تحدّثنا عن مكانة المرأة في الإسلام ذكرنا أنّ نوع الإنسان هو صاحب الخلافة الإلهيّة وأنّه يطوي مراحل الكمال، لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.
ولكنّ هذا لا يعني عدم وجود فارق بين الرجل والمرأة، بل هناك تفاوت بينهما في الاستعدادات الجسميّة والنفسيّة، من دون أن يكون لهذا التفاوت ارتباط بالنقص أو الكمال، بل هو تعادل وتناسب، فقد استهدف قانون التكوين بهذا التفاوت جعل تناسب أكبر بين الرجل والمرأة اللذين خُلقا لحياة مشتركة، وما حياة العزوبة إلّا انحراف عن قانون التكوين، وسوف يتّضح هذا المفهوم بشكل أكبر فيما يأتي من معالجة أشكال التفاوت.
أشكال التفاوت
إنّ البحث عن وجود تفاوت بين الرجل والمرأة ليس جديداً، بل نجده في عمق التاريخ بما لا يقلّ عن 2400 سنة، ففي حين يرفض أفلاطون وجود تفاوت كيفيّ بين الرجل والمرأة، يؤكّد تلميذه أرسطو وجود هذا التفاوت حيث يقول: تختلف نوعيّة استعدادات المرأة عن الرجل كما تتفاوت الوظائف والمسؤوليّات التي وضعها قانون التكوين على عاتق كلٍّ منهما، وتختلف الحقوق التي يستدعيها لكلّ منهما في موارد عدّة.
وقد رجّح العلماء والفلاسفة الذين جاؤوا بعد أرسطو نظريّاته على نظريّات أفلاطون1.
وأمّا اليوم، وفي ظلّ التقدّم العلميّ أصبح التفاوت بين المرأة والرجل محدّداً وواضحاً، وذلك اعتماداً على الملاحظة، والتجربة، والإحصاء، والدراسة الميدانيّة.
ونذكر مجموع الاختلافات القائمة التي وقعت بأيدينا ممّا ذكره المحقّقون:
من الزاوية الجسميّة
1 - الرجل بشكل عام ضخم البنية، والمرأة ليست كذلك.
2 - الرجل أخشن والمرأة ألطف، صوت الرجل أضخم وأكثر خشونة، وصوت المرأة ألطف وأكثر نعومة.
3 - المرأة أسرع نموّاً من الرجل. إلّا أنّ النموّ العضليّ للرجل أكبر من نموّ المرأة العضليّ والبدني.
4 - المرأة أسرع إلى البلوغ الجنسيّ من الرجل، كما أنّها أسرع منه في العجز عن الإنجاب.
5 - البنت أسرع من الصبيّ إلى النطق.
6 - متوسّط دماغ الرجل أكبر من متوسّط دماغ المرأة، مع أخذ نسبة الدماغ إلى مجموع البدن بعين الاعتبار.
7 - رئة الرجل تستوعب حجماً أكبر من الهواء.
8 - ضربات قلب المرأة أسرع من ضربات قلب الرجل.
من الزاوية النفسيّة
1 - يميل الرجل أكثر من المرأة إلى الألعاب الرياضيّة والصيد والأعمال الحركيّة.
2 - إحساسات الرجل معارضة وحربيّة وإحساسات المرأة سلميّة، تُحجم المرأة عن استخدام العنف ضدّ الآخرين ومع نفسها، ولذا تنخفض نسبة الانتحار بين النساء. والانتحار عند الرجال أبشع حيث يتوسّل هؤلاء بإطلاق النار والقذف بأنفسهم من شاهق، بينما تتوسّل النساء بالأقراص المنوّمة والمواد المخدّرة.
3 - المرأة أكثر انفعالاً من الرجل؛ أي أنّها تخضع تحت تأثير أحاسيسها بشكل أكبر من الرجل.
4 - تميل المرأة بشدّة إلى الجمال والزينة والأزياء المختلفة على عكس الرجل.
5 - المرأة أكثر حيطة من الرجل وألسَن، وأكثر خوفاً.
6 - عواطف المرأة أموميّة، ويظهر هذا الإحساس منذ مرحلة الطفولة، و للمرأة علاقة أكبر بالأسرة وهي تلتفت بشكل غير شعوريّ لأهميّة محيط الأسرة قبل الرجل.
7 - لا تصل المرأة بشكل عام حدّ الرجل في العلوم البرهانيّة والمسائل العقليّة الجافّة، إلّا أنّها لا تقلّ عنه في مجال الأدب والفن وسائر المسائل المرتبطة بالذوق والعاطفة.
8 - الرجل أكبر قدرة على كتمان السّر، وكتمان الأخبار المزعجة في داخله ولذا هو أسرع للابتلاء بالمرض الناشئ جرّاء كتمان السرّ.
من زاوية العواطف المتبادلة:
1- يبتغي الرجل مصاحبة المرأة وأن يجعلها تحت تصرّفه، والمرأة تريد امتلاك قلب الرجل، والسيطرة عليه عن طريق قلبه، فهو يريد التسلّط عليها من فوق وهي تريد النفوذ إلى داخل قلبه.
2- تريد المرأة من الرجل الشجاعة والرجولة، وهو يريد منها الجمال والعاطفة.
كيف ندرس الحقوق؟
هناك أمران يجب ملاحظتهما عند دراسة حقوق المرأة هما:
1- التناسب لا التساوي: على ضوء ما تقدّم من الفرق بين الرجل والمرأة، يتضح أنّ ما يناسب المرأة قد لا يكون مناسباً للرجل والعكس صحيح، وبناءً عليه فليس المطلوب أن نُسري واقع المرأة إلى الرجل أو واقع الرجل إلى المرأة، بل المطلوب أن نعطي كلّاً منهما ما يناسبه ويناسب صفاته الجسميّة والنفسيّة، فالمطلوب هو التناسب لا التساوي بينهما.
2- النظرة الشموليّة للأحكام: النظرة المجتزءة قد تكون سبباً أساسيّاً في عدم فهم التشريع الإسلاميّ، فالإسلام صاحب التشريع الشامل، فإذا أردنا أن ننظر إلى مسألة ما فعلينا أن ننظر إليها ضمن منظومة الشريعة كلّها، لا أن ننظر إليها بقطع النظر عن كلّ ما يتعلق بها، لذلك عندما نقرأ هذه الحقوق التي هي محلّ استفهام علينا أن نضعها ضمن ما يحفّ بها من مسائل مرتبطة.
على ضوء هذين الأمريّن نُلقي الضوء على بعض المفردات المثارة حول حقوق المرأة:
تعدّد الزوجات: لا شكّ أنّ تعدّد الزوجات أمر مشروع وجائز في الإسلام، فبالإضافة إلى قوله تعالى:
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾2.
هناك سيرة وتاريخ طويل للمسلمين الذين مارسوا الزواج المتعدّد دون أن يعترض عليهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمّة عليهم السلام في ذلك، بل حتّى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام كانوا يكتفون في بعض المراحل بزوجة واحدة وكانوا يتزوّجون أكثر من واحدة في مراحل وظروف أخرى. لذلك فإنّ التشكيك برأي الإسلام بتعدّد الزوجات مجرّد مكابرة لا يستقيم عليها دليل.
والسؤال في هذا الموضوع ليس عن رأي الإسلام فهو واضح كما أسلفنا، ولكنّ السؤال عن حكمة تعدّد الزوجات، فلماذا شرّع الإسلام مثل هذا الأمر؟
إنّ بقاء تعدّد الزوجات ضمن الأمور الجائزة هو أمر ضروريّ لتحقيق العدل بين النساء من جهة، ولحلّ المعضلات الاجتماعيّة التي قد تتفاقم من جهة أخرى، فهناك مشكلة تتشكل من عنصرين:
1 - زيادة نسبة النساء على الرجال، باعتبار أنّ الموت يصيب الرجال أكثر ممّا يصيب النساء بكثير خصوصاً في سنّ الشباب نتيجة الحروب التي يواجهها الرجال عادة، ونتيجة الخروج إلى العمل وغيرها من الأخطار التي يتعرّض لها الرجل أكثر مما تتعرّض لها المرأة.
2 - حقّ كلّ امرأة في تشكيل أسرة على أساس شرعيّ قانونيّ.
فللمرأة حقّ في تشكيل أسرة خاصّة بها، ولو كان عدد الرجال كعدد النساء لأمكن أن يقال إنّ حقّ المرأة هذا محفوظ حتّى مع عدم إمكانيّة تعدّد الزوجات، ولكنّنا نعلم من خلال الإحصاءات العلميّة خلاف ذلك، فعدد النساء أضعاف عدد الرجال، وإغلاق باب تعدّد الزوجات سيعني بالضرورة سدّ الباب على كثير من النساء ومنعهنّ من حقهنّ في تشكيل الأسرة، لذلك فإنّ المطالبة بمنع تعدد الزوجات هو نوع من الأنانيّة الفرديّة التي تقع بها المرأة المتزوّجة على حساب أخريات لن يكون الزواج ممكناً لهنّ.
والشرع بنظرته المتوازنة التي تريد أن تحقّق العدالة على مستوى إتاحة الفرصة على الأقلّ، ترك هذا الباب مفتوحاً.
قوّاميّة الرجل على المرأة
يقول تعالى في كتابه المجيد: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ...﴾3.
ولا بدّ لتوضيح هذه العبارة من الالتفات إلى أنّ العائلة وحدة اجتماعيّة صغيرة، وهي كالاجتماع الكبير لا بدّ لها من قائد وقائم بأمورها، وترتكز قوّاميّة الرجل على ركيزتين:
1- ﴿... بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..﴾ وهذا التفضيل ليس تفضيلاً بالقيمة المعنويّة وإنّما المقصود أنّ هناك ميزة عمليّة يمتاز بها الرجل تجعله مؤهّلاً لموضوع القوّاميّة، وهذا له علاقة بالصفات الموجودة عادة عند الرجل والأخرى الموجودة عند المرأة، فالمرأة تكون عادة كثيرة الانفعال نتيجة العاطفة الجيّاشة الموجودة عندها بخلاف الرجل.
2- ﴿... وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ..﴾. فنفقة البيت واجبة على الرجل لا على المرأة، ومن الطبيعيّ أنّ من يتحمّل وجوب الإنفاق على أيّ مشروع يكون الأحقّ بالإشراف عليه.
الإرث:
يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا.﴾4.
لقد شرّع الإسلام الإرث للمرأة كما شرّعه للرجل، وجعل لكلٍّ منهما نصيباً، ولكن هناك ميزة في إرث الأولاد، هي أنّهم لا يرثون بالتساوي، فالذكر يأخذ ضعف ما تأخذه الأنثى، يقول تعالى:﴿يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ...﴾5.
فلماذا هذا التفاوت بينهما؟
السبب في هذا التفاوت يظهر من خلال ملاحظة أمرين:
1- الرجل مكلّف بالصرف على العائلة وتأمين حاجيّاتها الماديّة، والمرأة ليست مكلّفة بذلك، بل تأمين حاجيّاتها الشخصيّة على عاتق الرجل أيضاً سواء كان أباً أو زوجاً.
ويقول تعالى:﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ...﴾6.
فما دام الرجل مكلّفاً بالصرف على العائلة فمن الطبيعيّ أن يلاحظ ذلك في تقسيم الموارد، حتّى يكون التقسيم متلائماً مع المسؤوليّات الملقاة على عاتق كلّ منهما، فليس غريباً أن يرث الرجل ضعف ما ترثه المرأة.
2- الرجل هو الذي يدفع المهر في عقد الزواج لمصلحة المرأة، وهذا أيضاً يؤيّد في مقابله وجود مميّزات في الموارد ليتحقّق الانسجام بين الموارد والمصاريف.فإنّ ما ورثه سيعود الكثير منه للمرأة كإبنة، أو زوجة واجبة النفقة، فيما يبقى المال الذي ورثته المرأة خالصاً لها من دون أن يشاركها فيه أحد. فعندما نقرأ مسألة الإرث كمورد من الموارد الماليّة، علينا أن نقرأه ضمن منظومة الموارد والمصاريف في النظام الإسلاميّ ليتحقّق نوع من التكافؤ بينهما.
*مكانة المرأة ودورها,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية,ط2, 2010م-1431هـ, ص22-32
1- راجع نظام حقوق المرأة في الإسلام للشهيد مرتضى مطهري صفحة 159 وما بعدها.
2- النساء: 3.
3- النساء: 34.
4- النساء: 7.
5- النساء: 11
6- البقرة: 286.
التفاوت بين الرجل والمرأة
عندما تحدّثنا عن مكانة المرأة في الإسلام ذكرنا أنّ نوع الإنسان هو صاحب الخلافة الإلهيّة وأنّه يطوي مراحل الكمال، لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.
ولكنّ هذا لا يعني عدم وجود فارق بين الرجل والمرأة، بل هناك تفاوت بينهما في الاستعدادات الجسميّة والنفسيّة، من دون أن يكون لهذا التفاوت ارتباط بالنقص أو الكمال، بل هو تعادل وتناسب، فقد استهدف قانون التكوين بهذا التفاوت جعل تناسب أكبر بين الرجل والمرأة اللذين خُلقا لحياة مشتركة، وما حياة العزوبة إلّا انحراف عن قانون التكوين، وسوف يتّضح هذا المفهوم بشكل أكبر فيما يأتي من معالجة أشكال التفاوت.
أشكال التفاوت
إنّ البحث عن وجود تفاوت بين الرجل والمرأة ليس جديداً، بل نجده في عمق التاريخ بما لا يقلّ عن 2400 سنة، ففي حين يرفض أفلاطون وجود تفاوت كيفيّ بين الرجل والمرأة، يؤكّد تلميذه أرسطو وجود هذا التفاوت حيث يقول: تختلف نوعيّة استعدادات المرأة عن الرجل كما تتفاوت الوظائف والمسؤوليّات التي وضعها قانون التكوين على عاتق كلٍّ منهما، وتختلف الحقوق التي يستدعيها لكلّ منهما في موارد عدّة.
وقد رجّح العلماء والفلاسفة الذين جاؤوا بعد أرسطو نظريّاته على نظريّات أفلاطون1.
وأمّا اليوم، وفي ظلّ التقدّم العلميّ أصبح التفاوت بين المرأة والرجل محدّداً وواضحاً، وذلك اعتماداً على الملاحظة، والتجربة، والإحصاء، والدراسة الميدانيّة.
ونذكر مجموع الاختلافات القائمة التي وقعت بأيدينا ممّا ذكره المحقّقون:
من الزاوية الجسميّة
1 - الرجل بشكل عام ضخم البنية، والمرأة ليست كذلك.
2 - الرجل أخشن والمرأة ألطف، صوت الرجل أضخم وأكثر خشونة، وصوت المرأة ألطف وأكثر نعومة.
3 - المرأة أسرع نموّاً من الرجل. إلّا أنّ النموّ العضليّ للرجل أكبر من نموّ المرأة العضليّ والبدني.
4 - المرأة أسرع إلى البلوغ الجنسيّ من الرجل، كما أنّها أسرع منه في العجز عن الإنجاب.
5 - البنت أسرع من الصبيّ إلى النطق.
6 - متوسّط دماغ الرجل أكبر من متوسّط دماغ المرأة، مع أخذ نسبة الدماغ إلى مجموع البدن بعين الاعتبار.
7 - رئة الرجل تستوعب حجماً أكبر من الهواء.
8 - ضربات قلب المرأة أسرع من ضربات قلب الرجل.
من الزاوية النفسيّة
1 - يميل الرجل أكثر من المرأة إلى الألعاب الرياضيّة والصيد والأعمال الحركيّة.
2 - إحساسات الرجل معارضة وحربيّة وإحساسات المرأة سلميّة، تُحجم المرأة عن استخدام العنف ضدّ الآخرين ومع نفسها، ولذا تنخفض نسبة الانتحار بين النساء. والانتحار عند الرجال أبشع حيث يتوسّل هؤلاء بإطلاق النار والقذف بأنفسهم من شاهق، بينما تتوسّل النساء بالأقراص المنوّمة والمواد المخدّرة.
3 - المرأة أكثر انفعالاً من الرجل؛ أي أنّها تخضع تحت تأثير أحاسيسها بشكل أكبر من الرجل.
4 - تميل المرأة بشدّة إلى الجمال والزينة والأزياء المختلفة على عكس الرجل.
5 - المرأة أكثر حيطة من الرجل وألسَن، وأكثر خوفاً.
6 - عواطف المرأة أموميّة، ويظهر هذا الإحساس منذ مرحلة الطفولة، و للمرأة علاقة أكبر بالأسرة وهي تلتفت بشكل غير شعوريّ لأهميّة محيط الأسرة قبل الرجل.
7 - لا تصل المرأة بشكل عام حدّ الرجل في العلوم البرهانيّة والمسائل العقليّة الجافّة، إلّا أنّها لا تقلّ عنه في مجال الأدب والفن وسائر المسائل المرتبطة بالذوق والعاطفة.
8 - الرجل أكبر قدرة على كتمان السّر، وكتمان الأخبار المزعجة في داخله ولذا هو أسرع للابتلاء بالمرض الناشئ جرّاء كتمان السرّ.
من زاوية العواطف المتبادلة:
1- يبتغي الرجل مصاحبة المرأة وأن يجعلها تحت تصرّفه، والمرأة تريد امتلاك قلب الرجل، والسيطرة عليه عن طريق قلبه، فهو يريد التسلّط عليها من فوق وهي تريد النفوذ إلى داخل قلبه.
2- تريد المرأة من الرجل الشجاعة والرجولة، وهو يريد منها الجمال والعاطفة.
كيف ندرس الحقوق؟
هناك أمران يجب ملاحظتهما عند دراسة حقوق المرأة هما:
1- التناسب لا التساوي: على ضوء ما تقدّم من الفرق بين الرجل والمرأة، يتضح أنّ ما يناسب المرأة قد لا يكون مناسباً للرجل والعكس صحيح، وبناءً عليه فليس المطلوب أن نُسري واقع المرأة إلى الرجل أو واقع الرجل إلى المرأة، بل المطلوب أن نعطي كلّاً منهما ما يناسبه ويناسب صفاته الجسميّة والنفسيّة، فالمطلوب هو التناسب لا التساوي بينهما.
2- النظرة الشموليّة للأحكام: النظرة المجتزءة قد تكون سبباً أساسيّاً في عدم فهم التشريع الإسلاميّ، فالإسلام صاحب التشريع الشامل، فإذا أردنا أن ننظر إلى مسألة ما فعلينا أن ننظر إليها ضمن منظومة الشريعة كلّها، لا أن ننظر إليها بقطع النظر عن كلّ ما يتعلق بها، لذلك عندما نقرأ هذه الحقوق التي هي محلّ استفهام علينا أن نضعها ضمن ما يحفّ بها من مسائل مرتبطة.
على ضوء هذين الأمريّن نُلقي الضوء على بعض المفردات المثارة حول حقوق المرأة:
تعدّد الزوجات: لا شكّ أنّ تعدّد الزوجات أمر مشروع وجائز في الإسلام، فبالإضافة إلى قوله تعالى:
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾2.
هناك سيرة وتاريخ طويل للمسلمين الذين مارسوا الزواج المتعدّد دون أن يعترض عليهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمّة عليهم السلام في ذلك، بل حتّى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام كانوا يكتفون في بعض المراحل بزوجة واحدة وكانوا يتزوّجون أكثر من واحدة في مراحل وظروف أخرى. لذلك فإنّ التشكيك برأي الإسلام بتعدّد الزوجات مجرّد مكابرة لا يستقيم عليها دليل.
والسؤال في هذا الموضوع ليس عن رأي الإسلام فهو واضح كما أسلفنا، ولكنّ السؤال عن حكمة تعدّد الزوجات، فلماذا شرّع الإسلام مثل هذا الأمر؟
إنّ بقاء تعدّد الزوجات ضمن الأمور الجائزة هو أمر ضروريّ لتحقيق العدل بين النساء من جهة، ولحلّ المعضلات الاجتماعيّة التي قد تتفاقم من جهة أخرى، فهناك مشكلة تتشكل من عنصرين:
1 - زيادة نسبة النساء على الرجال، باعتبار أنّ الموت يصيب الرجال أكثر ممّا يصيب النساء بكثير خصوصاً في سنّ الشباب نتيجة الحروب التي يواجهها الرجال عادة، ونتيجة الخروج إلى العمل وغيرها من الأخطار التي يتعرّض لها الرجل أكثر مما تتعرّض لها المرأة.
2 - حقّ كلّ امرأة في تشكيل أسرة على أساس شرعيّ قانونيّ.
فللمرأة حقّ في تشكيل أسرة خاصّة بها، ولو كان عدد الرجال كعدد النساء لأمكن أن يقال إنّ حقّ المرأة هذا محفوظ حتّى مع عدم إمكانيّة تعدّد الزوجات، ولكنّنا نعلم من خلال الإحصاءات العلميّة خلاف ذلك، فعدد النساء أضعاف عدد الرجال، وإغلاق باب تعدّد الزوجات سيعني بالضرورة سدّ الباب على كثير من النساء ومنعهنّ من حقهنّ في تشكيل الأسرة، لذلك فإنّ المطالبة بمنع تعدد الزوجات هو نوع من الأنانيّة الفرديّة التي تقع بها المرأة المتزوّجة على حساب أخريات لن يكون الزواج ممكناً لهنّ.
والشرع بنظرته المتوازنة التي تريد أن تحقّق العدالة على مستوى إتاحة الفرصة على الأقلّ، ترك هذا الباب مفتوحاً.
قوّاميّة الرجل على المرأة
يقول تعالى في كتابه المجيد: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ...﴾3.
ولا بدّ لتوضيح هذه العبارة من الالتفات إلى أنّ العائلة وحدة اجتماعيّة صغيرة، وهي كالاجتماع الكبير لا بدّ لها من قائد وقائم بأمورها، وترتكز قوّاميّة الرجل على ركيزتين:
1- ﴿... بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..﴾ وهذا التفضيل ليس تفضيلاً بالقيمة المعنويّة وإنّما المقصود أنّ هناك ميزة عمليّة يمتاز بها الرجل تجعله مؤهّلاً لموضوع القوّاميّة، وهذا له علاقة بالصفات الموجودة عادة عند الرجل والأخرى الموجودة عند المرأة، فالمرأة تكون عادة كثيرة الانفعال نتيجة العاطفة الجيّاشة الموجودة عندها بخلاف الرجل.
2- ﴿... وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ..﴾. فنفقة البيت واجبة على الرجل لا على المرأة، ومن الطبيعيّ أنّ من يتحمّل وجوب الإنفاق على أيّ مشروع يكون الأحقّ بالإشراف عليه.
الإرث:
يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا.﴾4.
لقد شرّع الإسلام الإرث للمرأة كما شرّعه للرجل، وجعل لكلٍّ منهما نصيباً، ولكن هناك ميزة في إرث الأولاد، هي أنّهم لا يرثون بالتساوي، فالذكر يأخذ ضعف ما تأخذه الأنثى، يقول تعالى:﴿يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ...﴾5.
فلماذا هذا التفاوت بينهما؟
السبب في هذا التفاوت يظهر من خلال ملاحظة أمرين:
1- الرجل مكلّف بالصرف على العائلة وتأمين حاجيّاتها الماديّة، والمرأة ليست مكلّفة بذلك، بل تأمين حاجيّاتها الشخصيّة على عاتق الرجل أيضاً سواء كان أباً أو زوجاً.
ويقول تعالى:﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ...﴾6.
فما دام الرجل مكلّفاً بالصرف على العائلة فمن الطبيعيّ أن يلاحظ ذلك في تقسيم الموارد، حتّى يكون التقسيم متلائماً مع المسؤوليّات الملقاة على عاتق كلّ منهما، فليس غريباً أن يرث الرجل ضعف ما ترثه المرأة.
2- الرجل هو الذي يدفع المهر في عقد الزواج لمصلحة المرأة، وهذا أيضاً يؤيّد في مقابله وجود مميّزات في الموارد ليتحقّق الانسجام بين الموارد والمصاريف.فإنّ ما ورثه سيعود الكثير منه للمرأة كإبنة، أو زوجة واجبة النفقة، فيما يبقى المال الذي ورثته المرأة خالصاً لها من دون أن يشاركها فيه أحد. فعندما نقرأ مسألة الإرث كمورد من الموارد الماليّة، علينا أن نقرأه ضمن منظومة الموارد والمصاريف في النظام الإسلاميّ ليتحقّق نوع من التكافؤ بينهما.
*مكانة المرأة ودورها,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية,ط2, 2010م-1431هـ, ص22-32
1- راجع نظام حقوق المرأة في الإسلام للشهيد مرتضى مطهري صفحة 159 وما بعدها.
2- النساء: 3.
3- النساء: 34.
4- النساء: 7.
5- النساء: 11
6- البقرة: 286.