الحرّ بن يزيد الرياحيّ
من الشخصيّات البارزة في الكوفة وأحد رؤسائها، أرسله ابن سعد أميراً على ألف فارس لاعتراض الإمام الحسين فلقيه في منطقة (ذو حسم).
وأمر الإمام الحسين عليه السلام بإرواء الحرّ وجيشه وخيولهم، وبعد إقامة صلاة الظهر والعصر تكلّم الحسين عليه السلام مع الحرّ حول دعوة أهل الكوفة وسبب مجيئه، فقال الحرّ: بأنّه لا علم له بدعوتهم، وأخبر الإمام عليه السلام بتصميمه على ملازمته وتسليمه لابن زياد، ومنعه من السير إلى المدينة، وطال الكلام بينهما إلى أن قرّر بأن يتّخذ الحسين مسيراً غير الكوفة والمدينة، وأرسل الحرّ بن يزيد رسالة إلى ابن زياد منتظراً منه الجواب1.
وفي منزل (عذيب الهجانات) أراد أربعة رجالٍ من أهل الكوفة الالتحاق بالإمام عليه السلام فصمّم الحرّ على اعتقالهم لكن الإمام الحسين عليه السلام نهض للدفاع عنهم وقال للحرّ:"لأمنعنّهم ممّا أمنع به نفسي، إنّما هؤلاء أنصاريّ وأعواني وقد كنت أعطيتني ألّا تعرض لي بشيء حتّى يأتيك كتاب من ابن زياد"، فتراجع الحرّ وكفّ عنهم2.
وعندما خرج الإمام عليه السلام من قصر بني مقاتل ووصل إلى نينوى وصل رسول ابن زياد إلى الحرّ وسلّمه رسالته التي يطلب فيها من الحرّ أن يجعجع بالحسين عليه السلام ويمنعه المسير حتّى ينتظر أمره فيما بعد، فنفّذ الحرّ ذلك إلى أن جاء ابن سعد مع جيش الكوفة إلى كربلاء3.
أوفي يوم عاشوراء لمّا عزم الكوفيّون على الحرب والقتال سأل الحرّ ابن سعد: أمقاتلٌ أنت هذا الرجل؟! فأبلغه ابن سعد بعزمه على ذلك.
وفي تلك الأثناء صمّم الحرّ على الالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام وأقبل حتّى وقف من الناس موقفاً ومعه رجل من قومه يقال له: قرّة بن قيس فقال: "يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم؟" فقال له: لا، قال له:"فما تريد أن تسقيه"؟ قال قرّة: فظننت والله أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ويكره أن أراه حيث يصنع ذلك، فقلت له: لم أسقه وأنا منطلق فأسقيه4.
ولمّا شكّ المهاجر بن أوس بما يفعله الحرّ قال له: ما تريد يا ابن يزيد، أتريد أن تحمل؟... ثمّ قال له: إنّ أمرك لمريب!! والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة؟ ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟
فقال له الحرّ: "إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنّار، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحُرقّت".
ثمّ إنّ الحرّ ضرب فرسه فلحق بالحسين عليه السلام5، ولمّا اقترب من خيمة الإمام عليه السلام - وكإشارة منه على ترك الحرب والقتال- خلع درعه وأظهر أنّه قد جاء طالباً الأمان، واقترب إلى الحدّ الذي عرفه الجميع، فسلّم على الإمام وقال له:"جعلني الله فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلّا هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم أبداً، ولا يبلغون منك هذه المنزلة... وإنّي تائب إلى الله ممّا صنعت، فترى لي من ذلك توبة؟" فقال له الحسين عليه السلام: "نعم يتوب الله عليك ويغفر لك" ثمّ قال له: "أنزل عن فرسك".
فقال الحرّ:"أنا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً أقاتلهم على فرسي ساعة"6.
ويقول ابن أعثم: لمّا وقف الحرّ بين يدي الحسين عليه السلام، قال له:"يا ابن بنت رسول الله، كنت أوّل من خرج عليك أفتأذن لي أن أكون أوّل مقتولٍ بين يديك لعلّي أبلغ بذلك درجة الشهداء فألحق بجدّك صلى الله عليه وآله وسلم ؟"7.
فقال له الإمام عليه السلام: "فاصنع يرحمك الله ما بدا لك".ومن ثمّ تقدّم الحرّ نحو الميدان وخاطب أهل الكوفة فحمل عليه الأعداء يرمونه بالنبال الكثيرة8.
ويدّعي المؤرّخون بأنّ أوّل من تقدّم إلى قتال القوم الحرّ بن يزيد الرياحيّ وهو يرتجز الشعر فقاتلهم ما بين كرٍّ وفرٍّ حتّى عقر فرسه فوقع وبقي الحرّ راجلاً، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه يقاتل قتال الأبطال حتّى هجم عليه جماعة فصرعوه وجرح جراحات بليغة فجيء به نحو الحسين عليه السلام ووضعوه بين يديه وفيه رمق، فأخذ الحسين عليه السلام يمسح بيديه المباركتين وجهه ويقول له: "أنت الحرّ كما سمّتك أمّك حرّاً، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة".
وبعد أن سمع الحرّ هذه البشارة من الإمام عليه السلام فاضت روحه9رضوان الله عليه.
1-وقعة الطفّ، ص171.
2-نفس المصد، ص173 و174.
3-نفس المصدر، ص177.
4-وقعة الطف، ص213.
5-نفس المصدر، ص214.
6-الإرشاد، ج2، ص99 - 101؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص264.
7-الفتوح، ص904.
8-الإرشاد، ج2، ص99 - 101؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص264 و265.
9-الفتوح، ص904 و905.
منتديات @المخرج علي العذاري
من الشخصيّات البارزة في الكوفة وأحد رؤسائها، أرسله ابن سعد أميراً على ألف فارس لاعتراض الإمام الحسين فلقيه في منطقة (ذو حسم).
وأمر الإمام الحسين عليه السلام بإرواء الحرّ وجيشه وخيولهم، وبعد إقامة صلاة الظهر والعصر تكلّم الحسين عليه السلام مع الحرّ حول دعوة أهل الكوفة وسبب مجيئه، فقال الحرّ: بأنّه لا علم له بدعوتهم، وأخبر الإمام عليه السلام بتصميمه على ملازمته وتسليمه لابن زياد، ومنعه من السير إلى المدينة، وطال الكلام بينهما إلى أن قرّر بأن يتّخذ الحسين مسيراً غير الكوفة والمدينة، وأرسل الحرّ بن يزيد رسالة إلى ابن زياد منتظراً منه الجواب1.
وفي منزل (عذيب الهجانات) أراد أربعة رجالٍ من أهل الكوفة الالتحاق بالإمام عليه السلام فصمّم الحرّ على اعتقالهم لكن الإمام الحسين عليه السلام نهض للدفاع عنهم وقال للحرّ:"لأمنعنّهم ممّا أمنع به نفسي، إنّما هؤلاء أنصاريّ وأعواني وقد كنت أعطيتني ألّا تعرض لي بشيء حتّى يأتيك كتاب من ابن زياد"، فتراجع الحرّ وكفّ عنهم2.
وعندما خرج الإمام عليه السلام من قصر بني مقاتل ووصل إلى نينوى وصل رسول ابن زياد إلى الحرّ وسلّمه رسالته التي يطلب فيها من الحرّ أن يجعجع بالحسين عليه السلام ويمنعه المسير حتّى ينتظر أمره فيما بعد، فنفّذ الحرّ ذلك إلى أن جاء ابن سعد مع جيش الكوفة إلى كربلاء3.
أوفي يوم عاشوراء لمّا عزم الكوفيّون على الحرب والقتال سأل الحرّ ابن سعد: أمقاتلٌ أنت هذا الرجل؟! فأبلغه ابن سعد بعزمه على ذلك.
وفي تلك الأثناء صمّم الحرّ على الالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام وأقبل حتّى وقف من الناس موقفاً ومعه رجل من قومه يقال له: قرّة بن قيس فقال: "يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم؟" فقال له: لا، قال له:"فما تريد أن تسقيه"؟ قال قرّة: فظننت والله أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ويكره أن أراه حيث يصنع ذلك، فقلت له: لم أسقه وأنا منطلق فأسقيه4.
ولمّا شكّ المهاجر بن أوس بما يفعله الحرّ قال له: ما تريد يا ابن يزيد، أتريد أن تحمل؟... ثمّ قال له: إنّ أمرك لمريب!! والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة؟ ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟
فقال له الحرّ: "إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنّار، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحُرقّت".
ثمّ إنّ الحرّ ضرب فرسه فلحق بالحسين عليه السلام5، ولمّا اقترب من خيمة الإمام عليه السلام - وكإشارة منه على ترك الحرب والقتال- خلع درعه وأظهر أنّه قد جاء طالباً الأمان، واقترب إلى الحدّ الذي عرفه الجميع، فسلّم على الإمام وقال له:"جعلني الله فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلّا هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم أبداً، ولا يبلغون منك هذه المنزلة... وإنّي تائب إلى الله ممّا صنعت، فترى لي من ذلك توبة؟" فقال له الحسين عليه السلام: "نعم يتوب الله عليك ويغفر لك" ثمّ قال له: "أنزل عن فرسك".
فقال الحرّ:"أنا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً أقاتلهم على فرسي ساعة"6.
ويقول ابن أعثم: لمّا وقف الحرّ بين يدي الحسين عليه السلام، قال له:"يا ابن بنت رسول الله، كنت أوّل من خرج عليك أفتأذن لي أن أكون أوّل مقتولٍ بين يديك لعلّي أبلغ بذلك درجة الشهداء فألحق بجدّك صلى الله عليه وآله وسلم ؟"7.
فقال له الإمام عليه السلام: "فاصنع يرحمك الله ما بدا لك".ومن ثمّ تقدّم الحرّ نحو الميدان وخاطب أهل الكوفة فحمل عليه الأعداء يرمونه بالنبال الكثيرة8.
ويدّعي المؤرّخون بأنّ أوّل من تقدّم إلى قتال القوم الحرّ بن يزيد الرياحيّ وهو يرتجز الشعر فقاتلهم ما بين كرٍّ وفرٍّ حتّى عقر فرسه فوقع وبقي الحرّ راجلاً، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه يقاتل قتال الأبطال حتّى هجم عليه جماعة فصرعوه وجرح جراحات بليغة فجيء به نحو الحسين عليه السلام ووضعوه بين يديه وفيه رمق، فأخذ الحسين عليه السلام يمسح بيديه المباركتين وجهه ويقول له: "أنت الحرّ كما سمّتك أمّك حرّاً، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة".
وبعد أن سمع الحرّ هذه البشارة من الإمام عليه السلام فاضت روحه9رضوان الله عليه.
1-وقعة الطفّ، ص171.
2-نفس المصد، ص173 و174.
3-نفس المصدر، ص177.
4-وقعة الطف، ص213.
5-نفس المصدر، ص214.
6-الإرشاد، ج2، ص99 - 101؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص264.
7-الفتوح، ص904.
8-الإرشاد، ج2، ص99 - 101؛ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، ص264 و265.
9-الفتوح، ص904 و905.
منتديات @المخرج علي العذاري